وليس هذا لأحد غير رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفع عن مكاتبة مكاتبتها إلى مولاها على أن تعتق بأدائه ذلك عنها ويكون ذلك العتاق مهرا لها من قبل الذي أدى عنها مكاتبتها وتكون بذلك زوجة له فلما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعل هذا مهرا على أن ذلك خاص له دون أمته كان له أن يجعل العتاق الذي تولاه هو أيضا مهرا لمن أعتقه على أن ذلك خاص له دون أمته فهذا وجه هذا الباب من طريق الآثار وأما وجهه من طريق النظر فإن أبا يوسف رحمة الله عليه قال النظر عندي في هذا أن يكون العتاق مهرا للمعتقة عليه ليس لها معه غيره وذلك لأنا رأيناها إذا وقع العتاق على أن تزوجه نفسها ثم أبت التزويج أن عليها أن تسعى في قيمتها قال فما كان يجب عليها أن تسعى فيه إذا أبت التزويج يكون مهرا لها إذا أجابت إلى التزويج قال وإن طلقها بعد ذلك قبل أن يدخل كان عليها أن تسعى في نصف قيمتها وقد روي هذا أيضا عن الحسن حدثنا محمد بن خزيمة قال ثنا محمد بن عبد الله الأنصاري عن أشعث عن الحسن في رجل أعتق أمته وجعل عتقها صداقها ثم طلقها قبل أن يدخل بها قال عليها أن تسعى في نصف قيمتها وكان من الحجة في هذا على أبي يوسف رحمة الله عليه أن ما ذكره من وجوب السعاية عليها إذا أبت في قيمتها قد قال هو أبو حنيفة ومحمد بن الحسن رحمة الله عليهما فما لزمهما من ذلك في قولها إذا أجابت إلى التزويج فهو لازم لهما وأما زفر فكان يقول لا سعاية عليها إذا أبت لأنه وإن كان شرط عليها النكاح في أصل العتاق فإنما شرط ذلك عليها ببدل شرطه لها على نفسه وهو الصداق الذي يجب لها في قوله إذا أجابت فكان العتاق واقعا عليها لا ببدل والنكاح المشروط عليها له بدل غير العتاق فصار ذلك كرجل أعتق عبده على أن يخدمه سنة بألف درهم فقبل ذلك العبد ثم أبى أن يخدمه فلا شئ له عليه لأنه لو خدمه لكان يستحق عليه باستخدامه إياه أجرا بدلا من الخدمة فكذلك إذا كان من قول زفر في الأمة المعتقة على التزويج أنه إذا أجابت إلى التزويج وجب لها مهر بدلا من بضعها فإذا أبت لم يجب عليها بدل من رقبتها لان رقبتها عتقت لا ببدل وأشترط عليها نكاح ببدل ولا يثبت البدل من النكاح إلا بثبوت النكاح كما لا يثبت البدل على الخدمة إلا بثبوت الخدمة
(٢٢)