المعجمة من باب قتل أي تصيح وهذه الجملة صفة لهامة (هامة الناس) أي هي هامة الناس أي روح الانسان الميت ثم رد عليه عطاء بقوله (وليست) هذه الهامة التي تصيح وتصرخ في الليل من البومة أو غيرها (بهامة الانسان) أي بروح الانسان الميت بل (إنما هي دابة) من دواب الأرض.
(عروة بن عامر) قرشي تابعي سمع ابن عباس وغيره روى عنه عمرو بن دينار وحبيب بن أبي ثابت ذكره ابن حبان في ثقات التابعين (قال) عروة (ذكرت الطيرة) بصيغة المجهول (أحسنها الفأل) قال في النهاية: الفأل مهموز فيما يسر ويسوء، والطيرة لا تكون إلا فيما يسوء وربما استعملت فيما يسر، يقال تفألت بكذا وتفاءلت على التخفيف والقلب، وقد أولع الناس بترك همزه تخفيفا وإنما أحب الفأل لأن الناس إذا أملوا فائدة الله تعالى ورجوا عائدته عند كل سبب ضعيف أو قوي فهم على خير، ولو غلطوا في جهة الرجاء فإن الرجاء لهم خير، وإذا قطعوا أملهم ورجاءهم من الله كان ذلك من الشر. وأما الطيرة فإن فيها سوء الظن بالله وتوقع البلاء. ومعنى التفاؤل مثل أن يكون رجل مريض فيتفاءل بما يسمع من كلام فيسمع آخر يقول يا سالم أو يكون طالب ضالة فيسمع آخر يقول يا واجد فيقع في ظنه أنه يبرأ من مرضه ويجد ضالته انتهى (ولا ترد) أي الطيرة (مسلما) والجملة عاطفة أو حالية والمعنى أن أحسن الطيرة ما يشابه الفأل المندوب إليه، ومع ذلك لا تمنع الطيرة مسلما عن المضي في حاجته فإن ذلك ليس من شأن المسلم بل شأنه أن يتوكل على الله تعالى في جميع أموره ويمضي في سبيله (فإذا رأى أحدكم ما يكره) أي إذا رأى من الطيرة شيئا يكرهه (بالحسنات) أي بالأمور الحسنة الشاملة للنعمة والطاعة (السيئات) أي الأمور المكروهة الكافلة للنقمة والمعصية (ولا حول) أي على دفع السيئات (ولا قوة) أي على تحصيل الحسنات.
قال المنذري: وعروة هذا قيل فيه القرشي كما تقدم وقيل فيه الجهني حكاهما البخاري. وقال أبو القاسم الدمشقي: ولا صحبة له تصح. وذكر البخاري وغيره أنه سمع من ابن عباس، فعلى هذا يكون الحديث مرسلا انتهى.