(كانوا يحلون صفر) الشهر المعروف، أي أن العرب تستحل صفر مرة وكانت تحرمه مرة وتستحل المحرم وهو النسيء، فجاء الاسلام برد ذلك كما قال الله تعالى (إنما النسيء زيادة في الكفر، أي هو تأخير تحريم شهر إلى شهر آخر وذلك لأنه جاء شهر حرام وهم محاربون أحلوه وحرموا بدله شهرا من أشهر الحل حتى رفضوا خصوص الأشهر الحرم واعتبروا مجرد العدد فإن تحريم ما أحل الله وتحليل ما حرمه كفر ضموه إلى كفرهم.
وقال تعالى (فيحلوا ما حرم الله) أي فإنه لم يحرموا الشهر الحرام بل وافقوا في العدد وحده. كذا في جامع البيان.
قال ابن الأثير: وقيل أراد به النسيء الذي كانوا يفعلونه في الجاهلية وهو تأخير المحرم إلى صفر ويجعلون صفر هو الشهر الحرام فأبطله انتهى.
قال النووي: لا صفر فيه تأويلان أحدهما المراد تأخيرهم تحريم المحرم إلى صفر وهو النسيء الذي كانوا يفعلونه، وبهذا قال مالك وأبو عبيدة.
والثاني أن الصفر دواب في البطن وهي دود، وهذا التفسير هو الصحيح وبه قال مطرف وابن وهب وابن حبيب وأبو عبيد وخلائق من العلماء. وقد ذكر مسلم عن جابر بن عبد الله راوي الحديث فتعين اعتماده.
(ويعجبني الفأل الصالح) لأنه حسن ظن بالله تعالى (الكلمة الحسنة) قال الكرماني:
وقد جعل الله تعالى في الفطرة محبة ذلك كما جعل فيها الارتياح بالمنظر الأنيق والماء الصافي وإن لم يشرب منه ويستعمله.
وعند الشيخين واللفظ للبخاري عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ((لا طيرة وخيرها الفأل، قال وما الفأل يا رسول الله قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم)) وفي حديث أنس عند الترمذي وصححه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج لحاجة يعجبه أن يسمع يا نجيح يا راشد.