وتشديد الموحدة. قال في التقريب: مستور من الخامسة (فلم أسمع لحشرات الأرض تحريما) قال الخطابي: ليس فيه دليل على أنها مباحة لجواز أن يكون غيره قد سمعه وقد حضرنا فيه معنى آخر وهو إنما عنى بهذا القول أن عادة القوم في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم في استباحة الحشرة كلها.
وقد اختلف الناس في الأشياء أصلها على الإباحة أو على الحظر وهي مسألة كبيرة من مسائل أصول الفقه، فذهب بعضهم إلى أنها على الإباحة، وذهب آخرون إلى أنها على الحظر وذهبت طائفة إلى أن إطلاق القول بواحد منهما فاسد ولا بد من أن يكون بعضها محظورا وبعضها مباحا والدليل ينبئ عن حكمه في مواضعه. وقد اختلف الناس في اليربوع والوبر ونحوها من الحشرات فرخص في اليربوع عروة وعطاء والشافعي وأبو ثور، وقال مالك لا بأس بأكل الوبر وكذلك الشافعي، وروي ذلك عن عطاء ومجاهد وطاوس، وكرهها ابن سيرين وحماد وأصحاب الرأي، كره أصحاب الرأي القنفذ، وسئل عنه مالك بن أنس فقال لا أدري، وكان أبو ثور لا يرى به بأسا، وحكاه عن الشافعي، وروى عن ابن عمر أنه رخص فيه، وقد روى أبو داود في تحريمه حديثا ليس إسناده بذاك وإن ثبت الحديث فهو محرم انتهى.
قال المنذري: قال البيهقي وهذا إسناد غير قوي: وقال النسائي ينبغي أن يكون ملقام بن التلب ليس بالمشهور.
(عن عيسى بن نميلة) بضم النون تصغير نملة (فسئل عن أكل القنفذ) بضم القاف وسكون النون وضم الفاء وبالذال المعجمة وهو في الفارسية خاربشت (فتلا) من التلاوة أي قرأ (فقال خبيثة من الخبائث) أي القنفذ خبيثة من الخبائث (فهو كما قال) أي فهو حرام لأن الخبائث محرمة بنص القرآن قال في السبل: قال الرافعي في القنفذ وجهان، أحدهما أنه يحرم، وبه قال أبو حنيفة وأحمد لما روي في الخبر أنه من الخبائث، وذهب مالك وابن أبي ليلى إلى أنه حلال، وهو أقوى من القول بتحريمه لعدم نهوض الدليل عليه مع القول بأن