وإخوة وسائر العصبات (مما ترك) يعني يرثون مما ترك وبقية الآية: (الوالدان والأقربون) من ميراثهم فعلى هذا الوالدان والأقربون هم المورثون انتهى (قال) ابن عباس (نسختها) كذا في جميع النسخ. وقال القسطلاني في شرح البخاري قال نسختها (والذين عاقدت أيمانكم) كذا في جميع الأصول. والصواب كما قاله ابن بطال إن المنسوخة (والذين عاقدت أيمانكم) والناسخة (ولكل جعلنا موالي) وكذا وقع في الكفالة والتفسير من رواية الصلت بن محمد عن أبي أسامة فلما نزلت (ولكل جعلنا موالي) نسخت. وقال ابن المنير: الضمير في قوله نسختها عائد على المؤاخاة لا على الآية، والضمير في نسختها وهو الفاعل المستتر يعود على قوله: (ولكل جعلنا موالي) وقوله: (والذين عاقدت أيمانكم) بدل من الضمير. وأصل الكلام لما نزلت (ولكل جعلنا موالي) نسخت (والذين عاقدت أيمانكم).
وقال الكرماني: فاعل نسختها آية جعلنا والذين عقدت منصوب بإضمار أعني. والمراد أن قوله تعالى: (ولكل جعلنا) نسخ حكم الميراث الذي دل عليه (والذين عاقدت أيمانكم) وقال ابن الجوزي: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان آخي بين المهاجرين والأنصار فكانوا يتوارثون بتلك الأخوة ويرونها داخلة في قوله تعالى: (والذين عاقدت أيمانكم) فلما نزل قوله تعالى: (وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) نسخ الميراث بين المتعاقدين وبقي النصرة والرفادة وجواز الوصية لهم انتهى (الرفادة) بكسر الراء المعاونة (ويوصي له) بكسر الصاد أي للحليف (وقد ذهب الميراث) أي نسخ حكم الميراث بالمؤاخاة.
قال الخازن: فذهب قوم إلى أن قوله تعالى: (والذين عاقدت أيمانكم) منسوخ بقوله تعالى: (ولكل جعلنا موالي) وذهب قوم إلى أن الآية ليست بمنسوخة بل حكمها باق والمراد بقوله: (والذين عاقدت أيمانكم) الحلفاء، والمراد من قوله: (فآتوهم نصيبهم) يعني من النصرة والنصيحة والموافاة والمصافاة ونحو ذلك، فعلى هذا لا تكون منسوخة. وقيل: نزلت في عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق كما أخرجه أبو داود، وعلى هذا فلا نسخ أيضا: فمن قال إن حكم الآية باق قال إنما كانت المعاقدة في الجاهلية على النصرة لا غير والإسلام لم يغير ذلك، ويدل عليه ما رواه مسلم عن جبير بن مطعم مرفوعا ثم ذكر كما سيأتي في الباب التالي.
قال المنذري: وأخرجه البخاري والنسائي.