ومن حديث أبي هريرة عندهما أيضا " أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر عليه أربع تكبيرات ". وأما قراءة الفاتحة فأخرج البخاري وأبو داود والترمذي وصححه وابن حبان والحاكم عن ابن عباس " أنه صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وقال لتعلموا أنه من السنة " وأخرجه النسائي وقال فيه " فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر، فلما فرغ قال سنة وحق " وروى الترمذي وابن ماجة من طريق أخرى عن ابن عباس " أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب " وإسناده ضعيف. قال الحافظ في التلخيص: ورواه أبو يعلى في مسنده من حديث ابن عباس أنه قرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب وزاد سورة قال البيهقي: ذكر السورة غير محفوظ، وقال النووي: إسناده صحيح. وروى ابن ماجة من حديث أم شريك قالت: " أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب " وفي إسناده ضعف يسير انتهى.
وأخرج الشافعي في مسنده أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله " أن النبي صلى الله عليه وسلم كبر على الميت أربعا وقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى " ولفظ الحافظ في المستدرك من هذا الوجه قال: " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر على جنائزنا أربعا ويقرأ بفاتحة الكتاب في التكبيرة الأولى " وفيه إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى، فقد وثقه جماعة منهم الشافعي وابن الأصبهاني وابن عدي وابن عقدة وضعفه آخرون قاله شمس الدين ابن القيم في جلاء الأفهام.
وفي المسند أيضا أخبرنا ابن عيينة عن محمد بن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد قال " سمعت ابن عباس يجهر بفاتحة الكتاب على الجنازة ويقول إنما فعلت لتعلموا أنها سنة " وفيه أيضا من طريق الزهري عن أبي أمامة قال " السنة أن يقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب " وفيه أيضا عن عبد الله بن عمرو بن العاص " أنه كان يقرأ بأم القرآن بعد التكبيرة الأولى على الجنازة " وأخرج ابن الجارود في المنتقى من طريق زيد بن طلحة التيمي قال " سمعت ابن عباس قرأ على جنازة فاتحة الكتاب وسورة وجهر بالقراءة وقال إنما جهرت لأعلمكم أنها سنة " وأخرجه أيضا من طريق طلحة بن عبد الله قال " صليت خلف ابن عباس على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة فجهر حتى سمعنا " الحديث.
وهذه الأحاديث فيها دلالة واضحة على مشروعية فاتحة الكتاب في صلاة الجنازة، وفيها دلالة أيضا على جواز قراءة سورة مع الفاتحة في صلاة الجنازة. وقراءة الفاتحة واجبة عند الشافعي، وهو قول أحمد، ذكره العيني في شرح الهداية، وبسط الكلام في شرح البخاري.