حديث جابر الآتي أو للملائكة كما هو المفهوم من حديث أنس " إنما قمنا للملائكة " أخرجه النسائي (حتى تخلفكم) بضم التاء وتشديد اللام أي تتجاوزكم وتجعلكم خلفها وليس المراد التخصيص بكون الجنازة تتقدم بل المراد مفارقتها سواء تخلف القائم لها وراءها أو خلفها القائم وراءه وتقدم. قاله العيني. وقال الحافظ: وقد اختلف أهل العلم في أصل المسألة يعني القيام للجنازة فذهب الشافعي إلى أنه غير واجب، فقال هذا إما أن يكون منسوخا أو يكون قام لعلة، وأيهما كان فقد ثبت أنه تركه بعد فعله والحجة في الآخر من أمره والقعود أحب إلي انتهى. وأشار بالترك إلى حديث علي أنه " صلى الله عليه وسلم قام للجنازة ثم قعد " أخرجه مسلم قال البيضاوي: يحتمل قول علي ثم قعد أي بعد أن جاوزته وبعدت عنه، ويحتمل أن يريد كان يقوم في وقت ثم ترك القيام أصلا، وعلى هذا يكون فعله الأخير قرينة في أن المراد بالأمر الوارد في ذلك الندب، ويحتمل أن يكون نسخا للوجوب المستفاد من ظاهر الأمر، والأول أرجح لأن احتمال المجاز يعني في الأمر أولى من دعوى النسخ انتهى. والاحتمال الأول يدفعه ما رواه البيهقي من حديث علي أنه أشار إلى قوم قاموا أن يجلسوا ثم حدثهم الحديث ومن ثم قال بكراهة القيام جماعة منهم سليم الرازي وغيره من الشافعية.
وقال ابن حزم: قعوده صلى الله عليه وسلم بعد أمره بالقيام يدل على أن الأمر للندب ولا يجوز أن يكون نسخا لأن النسخ لا يكون إلا بنهي أو بترك معه نهي انتهى.
وقد ورد معنى النهي من حديث عبادة قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم للجنازة، فمر به حبر من اليهود فقال هكذا نفعل فقال اجلسوا وخالفوهم " أخرجه أحمد وأصحاب السنن إلا النسائي فلو لم يكن إسناده ضعيفا لكان حجة في النسخ.
وقال عياض: ذهب جمع من السلف إلى أن الأمر بالقيام منسوخ بحديث علي، وتعقبه النووي بأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع وهو هنا ممكن قال والمختار أنه مستحب وبه قال المتولي انتهى.
وقال الحافظ ابن عبد البر في التمهيد: جاءت آثار صحاح ثابتة توجب القيام للجنازة وقال بها جماعة من السلف والخلف ورأوها غير منسوخة، وقالوا لا يجلس من اتبع الجنازة