في هذه القصة من أن العباس وعليا تردد إلى الخليفتين وطلبا الميراث مع قوله صلى الله عليه وسلم: " لا نورث ما تركناه فهو صدقة " وتقرير عمر رضي الله عنه عليهما أنهما يعلمان ذلك. وحاصل الجواب إنهما إنما سألاه أن يقسمه بينهما نصفين لينفرد كل منهما بنظر ما يتولاه، فقال عمر لا أوقع عليه اسم القسم أدعه أي أتركه على ما هو عليه، وإنما كره أن يوقع عليه اسم القسم لئلا يظن لذلك مع تطاول الأزمان أنه ميراث وأنهما ورثاه لا سيما وقسمة الميراث بين البنت والعم نصفان فيلتبس ذلك ويظن أنهم تملكوا ذلك. قال الحافظ: في الحديث إشكال شديد وهو أن أصل القصة صريح في أن العباس وعليا قد علما بأنه صلى الله عليه وسلم قال " لا نورث فإن كانا سمعاه من النبي صلى الله عليه وسلم فكيف يطلبانه من أبي بكر، وإن كانا إنما سمعاه من أبي بكر أو في زمنه بحيث أفاد عندهما العلم بذلك فكيف يطلبانه من عمر والذي يظهر والله أعلم أنهما اعتقدا أن عموم قوله " لا نورث مخصوص ببعض ما يخلفه دون بعض وأما مخاصمة علي وعباس بعد ذلك ثانيا عند عمر فقال إسماعيل القاضي: لم يكن في الميراث إنما تنازعا في ولاية الصدقة وفي صرفها كيف تصرف، كذا قال، لكن في رواية النسائي ما يدل على أنهما أرادا أن يقسم بينهما على سبيل الميراث انتهى كلام الحافظ ملخصا. قال المنذري: وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي مطولا ومختصرا. قال أبو داود أراد أن لا يوقع عليها اسم قسم، وفي لفظ البخاري أنا أكفيكماها.
(أراد) أي عمر رضي الله عنه (أن لا يوقع عليه) أي على ما أفاء الله على رسوله صلى الله عليه وسلم (اسم قسم) أي قسمة فإن القسمة إنما يقع في الملك.
(مما أفاء الله على رسوله) من بيانية أو تبعيضية أي والحال أنها من جملة ما أفاء الله على رسوله (مما لم يوجف) خبر كانت (كانت لرسول الله خالصا) قال النووي: هذا يؤيد مذهب