فارجموهما. والثالث: ما نسخ حكمه وبقيت تلاوته وهذا هو الأكثر ومنه قوله تعالى: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا وصية لأزواجهم) الآية قاله النووي. وقد استدل بهذا الحديث من قال إنه لا يقتضي التحريم من الرضاع إلا خمس رضعات وهو مذهب عائشة وابن مسعود وعبد الله بن الزبير وعطاء وطاووس وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير والليث بن سعد والشافعي وأصحابه، وقال به ابن حزم وهي رواية عن أحمد. وذهب أحمد في رواية وإسحاق وأبو عبيدة وأبو ثور وابن المنذر وداود وأتباعه إلى أن الذي يحرم ثلاث رضعات وقال مالك وأبو حنيفة والثوري والأوزاعي والليث أن القليل والكثير من الرضاع سواء في التحريم وهو المشهور عند أحمد، وتمسكوا بعموم قوله تعالى: (وأمهاتكم اللاتي أرضعنكم) وبالعموم الوارد في الأخبار. قال الحافظ قوي مذهب الجمهور بأن الأخبار اختلفت في العدد وعائشة التي روت ذلك قد اختلف عليها فيما يعتبر من ذلك فوجب الرجوع إلى أقل ما ينطلق عليه الاسم وأيضا فقول عشر رضعات معلومات ثم نسخن بخمس معلومات فمات النبي صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ لا ينتهض للاحتجاج على الأصح من قولي الأصوليين لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر، والراوي روى هذا على أنه قرآن لا خبر فلم يثبت كونه قرآنا ولا ذكر الراوي أنه خبر ليقبل قوله فيه والله أعلم انتهى. وقد بسط الكلام في هذه المسألة الشوكاني في النيل فليراجع إليه. قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة. وهذا والذي قبله حجة للشافعي في اعتبار عدد الخمس في التحريم انتهى.
(لا تحرم المصة ولا المصتان) المصة الواحدة من المص وهو أخذ اليسير من الشيء كما في الضياء وفي القاموس مصصته بالكسر أمصه ومصصته أمصه كخصصته أخصه شربته شربا رفيقا. والحديث يدل على أن المصة والمصتين لا يثبت بها حكم الرضاع الموجب للتحريم، ويدل بمفهومه على أن الثلاث من المصات تقتضي التحريم. وقد سبق ذكر من ذهب إلى العمل به. قال المنذري: وأخرجه مسلم والترمذي والنسائي وابن ماجة.