لآبائهم) وقوله (وما جعل أدعياءكم أبناءكم) (فكيف ترى فيه) وفي رواية لمسلم: قالت: إن سالما قد بلغ ما يبلغ الرجال وعقل ما عقلوه وإنه يدخل علينا وإني أظن أن في نفس أبي حذيفة من ذلك شيئا (أرضعيه) وفي رواية لمسلم: قالت كيف أرضعه وهو رجل كبير فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال قد علمت أنه رجل كبير، وفي أخرى له فقالت إنه ذو لحية. قال القاضي عياض: لعلها حلبته ثم شربه من غير أن يمس ثديها وهذا أحسن، ويحتمل أنه عفا عن مسه للحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبر انتهى (أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها) الضمير المرفوع يعود إلى من والمنصوب إلى عائشة (أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة) أي بالرضاعة في الكبر (حتى يرضع) على البناء للمجهول (في المهد) أي في حالة الصغر حين يكون الطفل في المهد. والحديث قد استدل به من قال إن إرضاع الكبير يثبت به التحريم وهو مذهب عائشة وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد وابن علية وابن حزم.
وذهب الجمهور إلى اعتبار الصغر في الرضاع المحرم وأجابوا عن قصة سالم بأجوبة، منها أنه حكم منسوخ وقرره بعضهم بأن قصة سالم كانت في أوائل الهجرة، والأحاديث الدالة على اعتبار الحولين من رواية أحداث الصحابة فدل على تأخرها وهو مستند ضعيف إذ لا يلزم من تأخر إسلام الراوي ولا من صغره أن لا يكون ما رواه متقدما. وأيضا ففي سياق قصة سالم ما يشعر بسبق الحكم باعتبار الحولين لقول امرأة أبي حذيفة في بعض طرقه حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أرضعيه، قالت وكيف أرضعه وهو رجل كبير، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم. وفي رواية قالت إنه ذو لحية، قال أرضعيه، وهذا يشعر بأنها كانت تعرف أن الصغر معتبر في الرضاع المحرم.
ومنها دعوى الخصوصية بسالم وامرأة أبي حذيفة والأصل فيه أم سلمة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة.
ولقائل أن يقول إن دعوى الاختصاص تحتاج إلى دليل وقد اعترفن بصحة الحجة التي جاءت بها عائشة ولا حجة في إبائهن لها كما أنه لا حجة في أقوالهن إذا خالفت المرفوع، ولو كانت هذه السنة مختصة بسالم لبينها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما بين اختصاص أبي بردة بالتضحية