وقال في الفتح: ليس المراد تعليق الصوم بالرؤية في حق كل أحد بل المراد بذلك رؤية بعضهم وهو من يثبت به ذلك إما واحد على رأي الجمهور أو اثنان على رأي آخرين انتهى (ولا تفطروا حتى تروه) أي هلال شوال. وقد استفيد من هذا الحديث أن وجوب الصوم ووجوب الإفطار عند انتهاء الصوم متعلقا برؤية الهلال (فإن غم عليكم) بضم الغين المعجمة وتشديد الميم أي حال بينكم وبينه غيم. قاله الحافظ.
وقال العيني: أي فإن ستر الهلال عليكم، ومنه الغم لأنه يستر القلب، والرجل الأغم المستور الجبهة بالشعر، وسمي السحاب غيما لأنه يستر السماء، ويقال: غم الهلال إذا استتر ولم ير لاستتاره بغيم ونحوه، وغممت الشيء أي غطيته انتهى. (فاقدروا له) أي للشهر. قال الطيبي: أي فاقدروا عدد الشهر الذي كنتم فيه. انتهى. وقال الزركشي: يعني حققوا مقادير أيام شعبان حتى تكملوه ثلاثين يوما انتهى.
وقال العيني: هو بضم الدال وكسرها يقال: قدرت لأمر كذا إذا نظرت فيه ودبرته انتهى.
وفي رواية للبخاري: الشهر تسع وعشرون ليلة فلا تصوموا حتى تروه فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين.
قال في الفتح: قال الجمهور: المراد بقوله: فاقدروا له أي انظروا في أول الشهر واحسبوا تمام الثلاثين ويرجح هذا التأويل الروايات الأخر المصرحة بالمراد وهي فأكملوا العدة ثلاثين ونحوها. وأولى ما فسر الحديث بالحديث انتهى.
قال الخطابي: قوله فاقدروا له: معناه التقدير بإكمال العدد ثلاثين، يقال: قدرت الشيء أقدره قدرا بمعنى قدرته تقديرا ومنه قوله تعالى: (وقدرنا فنعم القادرون) وكان بعض أهل المذهب يذهب في ذلك غير هذا المذهب، وتأوله على التقدير بحساب سير القمر في المنازل، والقول الأول أشبه، ألا تراه يقول في الرواية الأخرى: ((فإن غم عليكم فصوموا ثلاثين يوما)) حدثناه جعفر بن نصير الخالدي حدثنا الحارث بن أبي أسامة حدثنا سليمان بن داود حدثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((إن الله عز وجل جعل الأهلة مواقيت للناس فصوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما)) وعلى هذا قول عامة أهل العلم. ويؤكد ذلك نهيه صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الشك. وكان أحمد بن حنبل يقول: إذا لم ير الهلال لتسع وعشرين من شعبان لعلة في السماء صام الناس، فإن كان صحو لم يصوموا تباعا لمذهب ابن عمر (نظر له) بصيغة