قال الطبري المعنى لا يجوز للرجال التشبه بالنساء في اللباس والزينة التي تختص بالنساء ولا العكس قال الحافظ وكذا في الكلام والمشي فأما هيئة اللباس فتختلف باختلاف عادة كل بلد فرب قوم لا يفترق زي نسائهم من رجالهم في اللبس لكن يمتاز النساء بالاحتجاب والاستتار وأما ذم التشبه بالكلام والمشي فمختص بمن تعمد ذلك وأما من كان ذلك من أصل خلقته فإنما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلك بالتدريج فإن لم يفعل وتمادى دخله الذم ولا سيما إن بدا منه ما يدل الرضا به وأخذ هذا واضح من لفظ المتشبهين وأما إطلاق من أطلق كالنووي أن المخنث الخلقي لا يتجه عليه اللوم فمحمول على ما إذا لم يقدر على ترك التثني والتكسر في المشي والكلام بعد تعاطيه المعالجة لترك ذلك وإلا متى كان ترك ذلك ممكنا ولو بالتدريج فتركه بغير عذر لحقه اللوم قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والبخاري وأبو داود وابن ماجة قوله (لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال) بفتح النون المشددة وكسرها والأول أشهر أي المتشبهين بالنساء في الزي واللباس والخضاب والصوت والصورة والتكلم وسائر الحركات والسكنات من خنث يخنث كعلم يعلم إذا لان وتكسر فهذا الفعل منهي لأنه تغيير لخلق الله قال النووي المخنث ضربان أحدهما من خلق كذلك ولم يتكلف التخلق بأخلاق النساء وزيهن وكلامهن وحركاتهن وهذا لا ذم عليه ولا إثم ولا عيب ولا عقوبة لأنه معذور والثاني من يتكلف أخلاق النساء وحركاتهن وكلامهن وزيهن فهذا هو المذموم الذي جاء في الحديث لعنه (والمترجلات) بكسر الجيم المشددة أي المتشبهات بالرجال (من النساء) زيا وهيئة ومشية ورفع صوت ونحوها لا رأيا وعلما فإن التشبه بهم محمود كما روي أن عائشة رضي الله عنها كانت رجلة الرأي أي رأيها كرأي الرجال على ما في النهاية قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه البخاري وأبو داود قوله (وفي الباب عن عائشة) أخرجه أبو داود
(٥٧)