وهو قول ابن عباس ويروى هذا القول عن عائشة وعروة وأبي الشعثاء وأبي نهيك وغيرهم واختار ابن جرير هذا القول ومنهم من يقف على قوله والراسخون في العلم وتبعهم كثير من المفسرين وأهل الأصول وقالوا الخطاب بمالا يفهم بعيد ومن العلماء من فصل في هذا المقام وقال التأويل يطلق ويراد به في القرآن معنيان أحدهما التأويل بمعنى حقيقة الشئ وما يؤول أمره إليه ومنه قوله تعالى وقال يا أبت هذا تأويل رؤياي من قبل فإن أريد بالتأويل هذا فالوقف على الجلالة لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمه على الجلية إلا الله عز وجل ويكون قوله والراسخون في العلم مبتدأ ويقولون آمنا به خبره وأما إن أريد بالتأويل المعنى الاخر وهو التفسير والبيان والتعبير عن الشئ كقوله نبئنا بتأويله أي بتفسيره فإن أريد به هذا المعنى فالوقف على والراسخون في العلم لأنهم يعلمون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار وإن لم يحيطوا علما بحقائق الأشياء على كنه ما هي عليه وعلى هذا فيكون قوله يقولون امنا به حال منهم وساغ هذا وأن يكون من المعطوف دون المعطوف عليه كقوله تعالى وجاء ربك والملك صفا صفا أي وجاء الملائكة صفوفا صفوفا وقوله إخبارا عنهم أنهم يقولون امنا به أي المتشابه وقوله كل من عند ربنا أي الجميع من المحكم والمتشابه حق وصدق وكل منهما يصدق الاخر ويشهد له لأن الجميع من عند الله وليس شئ من عند الله بمختلف ولا متضاد (فأولئك الذين سماهم الله) أي أهل الزيغ أو زائغين بقوله في قلوبهم زيغ (فاحذروهم) أي لا تجالسوهم ولا تكالموهم أيها المسلمون والمقصود التحذير من الإصغاء إلى الذين يتبعون المتشابه من القرآن وأول ما ظهر ذلك من اليهود كما ذكره ابن إسحاق في تأويلهم الحروف المقطعة وأن عددها بالجمل مقدار مدة هذه الأمة ثم أول ما ظهر في الاسلام من الخوارج حتى جاء عن ابن عباس أنه فسر بهم الآية وقصة عمر في إنكاره على ضبيع لما بلغه أنه يتبع المتشابه فضربه على رأسه حتى أدماه أخرجها الدارمي وغيره قوله (هذا حديث حسن صحيح) وأخرجه أحمد والبخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجة قوله (أخبرنا أبو عامر وهو الخزاز) بمعجمات اسمه صالح بن رستم (ويزيد ابن إبراهيم) هو التستري
(٢٧٣)