من قبل ومن بعد) أي من قبل غلب الروم ومن بعده والمعنى أن غلبة فارس أولا وغلبة الروم ثانيا بأمر الله أي إرادته (ويومئذ) أي يوم تغلب الروم ويفرح المؤمنون بنصر الله إياهم على فارس وقد فرحوا بذلك وعلموا به يوم وقوعه يوم بدر بنزول جبرئيل بذلك فيه مع فرحهم بنصرهم على المشركين فيه (ينصر من يشاء وهو العزيز) الغالب (الرحيم) بالمؤمنين قال ابن جرير رحمه الله قوله: غلبت الروم في أدنى الأرض اختلفت القراء في قراءته فقرأته عامة قراء الأمصار غلبت الروم بضم الغين بمعنى أن فارس غلبت الروم وقرأ غلبت الروم بفتح الغين والذين قرأوا بفتح الغين قالوا: نزلت هذه الآية خبرا من الله نبيه صلى الله عليه وسلم عن غلبة الروم قال والصواب من القراءة في ذلك عندنا الذي لا يجوز غيره ألم غلبت الروم بضم الغين جماع الحجة من القراء عليه فإذا كان ذلك كذلك فتأويلي الكلام غلبت فارس الروم في أدنى الأرض من أرض الشام إلى أرض فارس وهم من بعد غلبهم يقول والروم من بعد غلبة فارس إياهم سيغلبون فارس في بضع سنين لله الأمر من قبل غلبتهم فارس ومن بعد غلبتهم إياها يقضي في خلقه ما يشاء ويحكم ما يريد ويظهر من شاء منهم على من أحب إظهاره عليه ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله يقول: ويوم يغلب الروم فارس يفرح المؤمنون بالله ورسوله بنصر الله إياهم على المشركين ونصرة الروم على فارس ينصر الله تعالى من يشاء من خلقه على من يشاء وهو نصرة المؤمنين على المشركين ببدر قال وأما قوله سيغلبون فإن القراء أجمعين على فتح الياء فيها والواجب على قراءة من قرأ: ألم غلبت الروم بفتح الغين أن يقرأ قوله سيغلبون بضم الياء فيكون معناه وهم من غلبتهم فارس سيغلبهم المسلمون حتى يصح معنى الكلام وإلا لم يكن للكلام كبير معنى إن فتحت الياء لأن الخبر عما قد كان يصير إلى الخبر عن أنه سيكون وذلك إفساد أحد الخبرين بالاخر انتهى كلامه ملخصا قوله: (هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه) وأخرجه بن جرير وابن أبي حاتم والبزار وفي إسناده عطية بن سعد العوفي تقدم ترجمته من التقريب وقال الذهبي في الميزان تابعي شهير ضعيف قال أبو حاتم يكتب حديثه ضعيف وقال ابن معين صالح وقال أحمد ضعيف الحديث وقال بلغني أن عطيه كان يأتي الكلبي فيأخذ عنه التفسير وكان يكنيه بأبي سعيد فيقول: قال أبو سعيد قال الذهبي يعني يوهم أنه الخدري وقال النسائي وجماعة ضعيف انتهى وقد بسط الحافظ ترجمته في تهذيب التهذيب وقال فيه قال أحمد وحدثنا أبو أحمد الزبير سمعت الكلبي يقول: كناني عطية أبو سعيد انتهى
(٢٠٦)