مقام فاعل " عفي " و " فاتباع " مبتدأ وخبره محذوف أي فعليه اتباع أو فالواجب عليه اتباع، أو خبر مبتدأ محذوف أي فحكمه اتباع، أو فاعل فعل مقدر أي فليكن اتباع والجملة خبر " من " والفاء يصح لتضمن المبتدأ معنى الشرط، و الظاهر أن ضمير إليه راجع إلى " من " وهذا يدل على أن الاتباع والأداء كلاهما حال المفعول له ووصف له، وهو ولي الدم كما مر في التأويل الأخير، وعلى الأول يحتاج إلى التقدير أي فعلى عافي من عفي له اتباع وعليه أداء إلى ذلك العافي فضمير إليه أيضا للعافي المعلوم من عفي وهو أيضا خلاف الظاهر، وموجب للتفكيك ويكون " وأداء إليه " عطف الجملة على الجملة، لا عطف المفرد على المفرد، وإن صح ذلك أيضا على الاجمال كما مر فتأمل.
و " ذلك " مبتدأ و " تخفيف " خبره و " رحمة " عطف على تخفيف و " فمن " أيضا موصولة مبتدأ والجملة صلته، وعايده ضمير اعتدى و " عذاب " مبتدأ و " أليم " صفته و " له " متعلق بمقدر خبره، والجملة خبر " من " وصحت الفاء لتضمن معنى الشرط كما مر.
ثم اعلم أن ظاهر الآية الشريفة كون القصاص وحده هو موجب القتل، حيث اقتصر عليه، والغير وهو الدية منفي بالأصل، وإن سلم أن الوجوب المستفاد من كتب أعم من التخييري والعيني، وأنه ليس بمتبادر، وأن التخيير ليس بنسخ للواجب العيني، مع وجود شرائطه، فهو متعين في الآية لأن وجوب القصاص منصوص والغير منفي بالأصل، والتخيير ليس بنسخ له ولو وجد، لأنه كان ثابتا بأصل عدم الغير، والنسخ إنما يكون لحكم شرعي فكأن هذا معنى احتجاج الحنفية بها على أن مقتضى العمد هو القود، فلا يرد عليهم قول البيضاوي: وهو ضعيف إذ الواجب على التخيير يصدق عليه، أنه وجب، وكتب. ولذلك قيل التخيير بين الواجب وغيره ليس بنسخ لوجوبه.
وأن ظاهرها وجوب التماثل في القصاص، يعني إنما يجب القصاص إذا كان القاتل والمقتول متساويين في الحرية والعبدية، والذكورة والأنوثة بمفهومها، و