الثالثة: ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون (1).
تدل على مشروعية القصاص ولمه.
الرابعة: " ولا تقتلوا النفس التي حرم الله " (2) نهى نهي تحريم عن قتل الانسان ويمكن الأعم بغير سبب مبيح لذلك، مثل الارتداد والقصاص " إلا بالحق " وهو السبب المبيح لذلك كما مر وأشار إلى بعض الأسباب المبيحة بقوله " ومن قتل مظلوما " أي بغير سبب مبيح بل ظلما وعدوانا " فقد جعلنا لوليه سلطانا " فقد جعل الله تعالى لولي المقتول الذي تقرر شرعا سلطنة وتسلطا على ذلك القاتل في الاقتصاص منه ويحتمل أن يكون المراد بغير سبب مبيح، وإن لم يكن عدوانا فقد جعل لوليه تسلطا على الأعواض فيشمل الخطأ وشبهه أيضا.
" فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا " أي ولي الدم لا يتجاوز حد ما شرع له من القتل، على وجه القصاص الذي شرع له في الشرع، فإنه لو تجاوز فقد جعل من تعدى عليه منصورا بشرع التعويض له، مثل أن مثل الولي قاتل أبيه ثم أراد قتله، فجعل الله القاتل منصورا بشرع القصاص في المثلة ثم القصاص ونحو ذلك، و بالجملة لا يجوز له أن يتعدى الشرع بأن يقتل الاثنين بواحد وحرا بعبد ومسلما بكافر، ولا يتجاوز في طريق القتل عما حد له، ويحتمل كون الضمير للولي يعني حسبه إن الله تعالى قد نصره بأن أوجب له القصاص والتعويض، فلا يستزد على ذلك، وبأن الله نصره بمعونة السلطان، وباظهار المؤمنين على استيفاء الحق فلا يبغ ما وراء حقه، ويحتمل للمظلوم بأن الله ناصره حيث أوجب القصاص بقتله، و ينصره في الآخرة بالثواب.
وهذه الآية كالصريحة في جواز استيفاء الحق من القصاص والدية مستقلا بغير إذن الحاكم وثبوت عنده فقول البعض بعيد.