أن قوله " الحر " الخ. بيان للقصاص الواجب فلا يكون غيره واجبا، وبما نقل من سبب النزول: وهو أنه كان في الجاهلية بين حيين من أحياء العرب دما، وكان لأحدهما طول على الآخر كأنه قوة وتسلط فأقسموا لنقتلن الحر منكم بالعبد منا وكذلك الذكر بالأنثى، فلما جاء الاسلام تحاكموا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فنزلت وأمرهم أن يتبوؤا.
فتدل على عدم جواز قتل الحر بالعبد وبالعكس، وهو ظاهر فقول البيضاوي أنها لا تدل عليه، فإن المفهوم حيث لم يظهر للتخصيص غرض سوى اختصاص الحكم وقد بينا ما كان الغرض كأنه إشارة إلى سبب النزول ومنع العرب مما أرادوا أن يفعلوا محل تأمل إذ سبب النزول يدل على ذلك فإنهم أرادوا قتل الحر بالعبد فمنعوا بالآية وأيضا قد يقال: لم يكف في حجية المفهوم عدم ظهور غرض سوى اختصاص الحكم بل لا بد من ظهور عدم غرض سواه فإن دليل الحجية لزوم اللغو، وذلك غير لازم إلا على الثاني لا الأول فتأمل، نعم يمكن أن يقال لم يظهر كون ذلك بيانا، وعلى التقدير يكون منفيا بالأصل، لا بالآية، والمفهوم ليس بمعتبر لأنه إما لقب أو صفة وما ثبت في الأصول اعتبارهما فارجع إليه.
وأما سبب النزول فالظاهر منه أن المقصود نفي تفاضل إحدى الحيين على الآخر كما كان مرادهم، والمفهوم من قولهم " كان لأحدهما طول " ومن قولهم " لنقتلن الحر منكم بعبد منا " وكذا من الذكر بالأنثى، وقولهم والاثنين بواحد كما نقله في الكشاف بعد قوله بالأنثى - وقال في مجمع البيان وأقسموا لنقتلن بالعبد منا الحر منهم وبالمرأة منا الرجل منهم، وبالرجل منهم الرجلين منا، و الظاهر أن في الكتاب سقم والصحيح. وبالرجل منا الرجلين منهم (1) - وجعلوا أيضا جراحاتهم على الضعف من جراحات أولئك حتى جاء الاسلام فأنزل الله الآية، و يكون الغرض من ذكر الحر بالحر والعبد بالعبد والأنثى بالأنثى مجرد نفي