وهو المروي عن أئمتنا عليهم السلام فإنهم قالوا هن الكلاب المعلمة خاصة، أحله الله إذا أدركه صاحبه، وقد قيل لقوله " فكلوا مما أمسكن عليكم " وروي علي بن إبراهيم في تفسيره باسناده إلى أبي بكر الحضرمي عن أبي عبد الله عليه السلام قال سألته عن صيد البزاة والصقور والفهود والكلاب، فقال لا تأكل إلا ما ذكيت إلا الكلاب، فقلت إن قتله؟ قال: كل فإن الله يقول " وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم، واذكروا اسم الله عليه " ثم قال عليه السلام كل شئ من السباع يمسك الصيد على نفسها إلا الكلاب المعلمة فإنها تمسك على صاحبها وقال إذا أرسلت الكلب المعلم وذكرت اسم الله عليه فهو ذكاته (1) وهو أن يقول بسم الله والله أكبر.
ويؤيد هذا المذهب ما يأتي بعد من قوله " مكلبين " أي أصحاب الصيد بالكلاب وقيل أصحاب التعليم للكلاب.
" تعلمونهن " أي تأدبونهن حتى يصرن معلمة، وفي هذا دلالة ما على أن صيد الكلب الغير المعلم حرام إذا لم يدرك ذكاته، وأما معنى تعليم الكلب فقد ذكره الفقهاء وظاهر الآية ما يصدق عليه المعلم فتأمل، قيل حد التعليم أن يذهب إذا استرسل ويقف إذا زجر، وقيل ذلك إنما يكون قبل أن يرى الصيد إذ بعده لا يمتنع بوجه وقيل حد ذلك ثلاث مرات، وقيل لا حد له، فإذا فعل ما قلناه من الترغيب والمنع امتثل، ويمكن اعتبار ما يفهم أن ذلك عادة له، ويؤيده ثبوت اشتراط التذكية حتى يعلم كونه كلبا معلما، و " تعلمونهن " حال ثانية أو استيناف و " مما علمكم الله " متعلق به أي تعلمون الكلاب مما علمكم الله من الحيل وطرق التأديب، فإن العمل به إلهام منه تعالى أو اكتساب بالعقل الذي هو عطية من الله تعالى فهو من تعليمه تعالى أو مما علمكم الله من اتباع الكلب الصيد بارسال صاحبه وانزجاره بزجره كما مر وهو الأظهر.
" فكلوا مما أمسكن عليكم " متفرع على ما تقدم، ويحتمل كونه جزاء