رزقا لبني آدم ينتفع به في الأكل، أصرح مما تقدمها ففهم كون الأشياء على أصل الحلية منها أولى، وقال ذلك في مجمع البيان فيما تقدمها، ولو ذكر هنا لكان أولى، ومضمون الباقي تعليق وجوب الشكر لله على عبادتهم إياه.
قال في مجمع البيان: وتلخيص الكلام إن كانت العبادة واجبة عليكم لأنه إلهكم فالشكر له أيضا واجب عليكم بأنه منعم محسن إليكم، حاصلة كما أن العبادة له واجبة فالشكر أيضا كذلك فيفهم وجوب الشكر مطلقا كوجوب العبادة، وقال فيه أيضا: الشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من تعظيم المنعم فهو على وجهين أحدهما الاعتراف بالنعمة متى ذكر المنعم بالاعتقاد، والثاني الطاعة بحسب جلالة النعمة، فالأول لازم على كل حال من أحوال الذكر، والثاني يلزم في الحال التي يحتاج فيها إلى القيام بالحق، وأما العبادة فهي ضرب من الشكر إلا أنه غاية فيه ليس وراءها شكر، ويعنون بها ضربا من الخشوع ولا يستحق العبادة إلا الله لأنه منعم بأصول النعم مثل الحياة والقدرة والشهوة وأنواع المنافع ولا يوازيها نعمة.
الرابعة: وكلوا مما رزقكم الله حلالا طيبا (1).
أي لا تحرموا على أنفسكم ما أحل الله ولا تجتنبوا ذلك تنزها بل كلوا ما أحل الله ورزقكم، فإن جميع ما رزقكم الله حلال وطيب لذيذ فحلال حال مبينة لا مقيدة وكذلك طيبا، وهو يحتمل التقييد، ويكون سبب التقييد ما في ما قبله " لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم " حيث نهى هناك عن تحريم طيبات ما أحل الله لكم أي ما طاب ولذ منه، فإنه قيل الظاهر أن قيد " طيبات ما أحل الله " للوقوع وأنه محلل للتحريم، وإلا جعل جميع ما أحل الله حراما منهي، ويحتمل كون الإضافة بيانية أيضا.
روي عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه وصف يوم القيامة لأصحابه يوما وبالغ في إنذارهم