أي إذا طلقتم أيها الأزواج نساءكم فقرب انقضاء عدتهن، والبلوغ هنا بمعنى القرب، يقال بلغ البلد إذا قرب منه، والأجل آخر المدة " فأمسكوهن " أي راجعوهن بمعروف عند العقل والشرع مما يتعارف عند الناس أي أمسكوهن على وجه أباحه الله تعالى من الأخذ على وجه تقومون بمصالحها، وما يجب عليكم من حقوقها " أو سرحوهن بمعروف " أي اتركوهن حتى تنقضي عدتهن فيكن أملكن أنفسهن.
" ولا تمسكوهن ضرارا " أي لا تراجعوهن لا لرغبة فيهن بل لطلب الاضرار بهن أو مضرين فهو نصب إما على العلة أو على الحال، والضرار بتطويل العدة كما روي أنه كان الرجل يطلق المرأة ويتركها حتى تقرب انقضاء عدتها، ثم يراجعها لا عن حاجة، ولكن لتطول العدة فهو الامساك ضرارا " لتعتدوا " أي لتظلموهن أو لتلجؤهن إلى الافتداء " ومن يفعل ذلك فقد ظلم نفسه " بتعريضها لعقاب الله " ولا تتخذوا آيات الله هزؤا " أي جدوا في الأخذ واعملوا بآيات الله، وارعوها حق الرعاية وإلا فقد اتخذتموها هزؤا ولعبا ويقال لمن لم يجد في الأمر إنما أنت لاعب " واذكروا نعمة الله عليكم " بالإسلام وبنبوة محمد صلى الله عليه وآله " وما أنزل عليكم من الكتاب والحكمة " من القرآن والسنة وذكرها مقابلتها بالشكر والقيام بحقهما والعمل بها " يعظكم به " أي ما أنزل عليكم من الوعظ " واتقوا الله " معاصيه " واعلموا أن الله بكل شئ عليم " تهديد وتأكيد للوعظ. فدلت على وجوب الرجعة والامساك والمعاشرة بالمعروف، أو التسريح والترك بالإحسان، وعلى النهي عن الامساك ضرارا تأكيدا للتحريم، بعد أن علم ضمنا، وعلى أن فاعل العدوان ظالم لنفسه، وعلى تحريم أخذ آيات الله هزؤا وعدم الجد في فعل الأوامر، وترك المناهي، وعلى وجوب شكر النعمة، والعمل بالكتاب والسنة، والعلم بأن الله عالم بكل شئ.
الثالثة: " وإذا طلقتم النساء فبلغن أجلهن فلا تعضلوهن أن ينكحن أزواجهن إذا تراضوا بينهم بالمعروف ذلك يوعظ به من كان منكم