والاعلام أيضا بأنه: اشهدا أني أفعل كذا، وقد صرح فيهما أيضا بذلك.
ثم إن المشهود به هو الطلاق لا الرجعة ولا تركها لهما أيضا، ويؤيده أن المقصود الأصلي هنا ذكر الطلاق، والباقي من توابعه، فتوسطت تلك بين أحكامه، وأن الأمر للوجوب، فلا يمكن إرجاعه إلى الرجعة والفرقة كما فعله في الكشاف والقاضي لعدم القائل بذلك، فإن أبا حنيفة لم يقل بالوجوب أصلا والشافعي يقول بالوجوب في الرجعة دون الفرقة، وقد صرح به فيهما، بل لا معنى للاشهاد على ترك الرجعة إلا بتأويل من عدم إيفاء حقوقها التي كانت عنده مثل المهر والنفقة، فلعل مرادهما بالفرقة هو الطلاق، وإن كان خلاف الظاهر، ولهذا قال في مجمع البيان قال المفسرون أمروا أن يشهدوا عند الطلاق وعند الرجعة شاهدي عدل حتى لا تجحد المرأة المراجعة بعد انقضاء العدة، ولا الرجل الطلاق وما ذكر قولا راجعا إلى الفرقة ورجح ما ذكرناه، لأنه مروي عن أهل البيت عليهم السلام فعلى قولهما لا بد من الخروج عن ظاهر الأمر، والحمل على الندب على قول أبي حنيفة وعليهما على قول الشافعي.
على أنه قال القاضي وهو ندب كقوله " وأشهدوا إذا تبايعتم " وعن الشافعي وجوبه في الرجعة، وقد قال من قبل " وأشهدوا ذوي عدل منكم " على الرجعة أو الفرقة، وفيه تعمية والغاز لا يفهم للزوم حمل لفظ واحد على معنييه، وهو على تقدير جوازه مجاز، وإن حمل على الأعم فمجاز أيضا مع الاجمال والألغاز، فإنه لم يفهم أن المراد مطلق الرجحان فيهما أو في بعض الأفراد الوجوب وفي الآخر الندب، وأن كلا منهما في أي قسم، وإخراج الآية عن الظاهر، وحملها على مثل هذا مشكل إلا مع دليل واضح، وليس مجرد القرب والبعد موجبا لذلك، فتأمل.
ويؤيد الوجوب أيضا المبالغة الكثيرة التي وجدت فيما بعد الآية بقوله " ذلكم يوعظ به من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب " حيث تدل على أن الاشهاد والإقامة أو جميع الأحكام المتقدمة كما قال القاضي وغيره يتعظ وينتفع به المؤمن، فيشعر بأن من لم يفعل