لا تؤاخذ به، ولا تنقص بذلك مرتبة من مراتبك التي عند الله، فإنه يغفر الذنوب ويرحم المذنبين، فكيف يفعل ذلك بك ويؤاخذك بفعل أمر مباح لمرضات أزواجك ومصلحة رأيتها ودفع الفتنة، فعقب ما يشعر بعتاب ما بهذا، لدفع وهم المتوهم وتسليته صلوات الله عليه وعلى آله ويحتمل أيضا أنه خطر بباله صلوات الله عليه أن هذا الفعل يصير سببا لصدور الذنب عنهما فتعاقبان، فأحب أن يترك حظ نفسه من وقوع الذنب والمعاصي وخلاف مرضات الله لهما فقال الله افعل أنت ما تريد والله غفور يغفر لمن يشاء ويرحم من يشاء مع المصالح، ويعاقب من يستحق، فافعل ما هو مباح لك وتشتهيه، وخل المذنب ومن يعصي الله إلي، فإنه عبدي إن أشاء أعاقب، وإن أشاء أعفو.
" قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم " قد شرع وجوز وبين وقدر لكم حل ما عقدتم على أنفسكم في تحريم ما هو حلال لكم في الأصل من وطي الجوار وأكل العسل ونحو ذلك مما لكم فيه نفع، ولا ضرر عليكم فيه، سواء وقع عليه الحلف الشرعي واليمين المقررة لفظا أو مجرد التقرر على نفسه وقصد ذلك، فإن الحلف في مثله لا ينعقد ولا يحرم خلفه، ولا كفارة بذلك إذ لا حنث حيث لا عقد ولا يترتب عليه أثره، فوجوده كعدمه، فدل على عدم انعقاد اليمين على مثله فإنه مرجوح مع اشتراط الرجحان في الدين أو الدنيا أو التساوي في المحلوف عليه وأنه يجوز خلف اليمين من غير كفارة لو حلف على مثله، مثل وطي الأمة أو الزوجة كما ذكره الفقهاء وقالوا لو شرط أن لا يتزوج عليها ولا يتسرى وحلف عليهما لم يلزم ولم يحنث بالخلف.
وقال في القاضي والكشاف معناه تحلة الأيمان بتجويز الاستثناء يعني يجوز أن يقيد اليمين بعد الوقوع بأن يقول عقيبها إن شاء الله، حتى لا يحنث من قولك حلل فلان في يمينه، إذا استثنى فيها أو قد شرع ذلك بالكفارة وهما بعيدان أما الأول فلأن تجويز حل اليمين بمثله بحيث يجوز خلف اليمين المنعقد ولو بزمان كثير بعيد، على أنه لم يعلم عدم مشية الله تعالى قبل نزول الآية، ولأنه لا معنى