أنه لا تواعدوهن مواعدة سر ولكن تعرضوهن بالقول المعروف بالخطبة، ولا يلزم كونه موعودا فتأمل " ولا تعزموا عقدة النكاح " ذكر العزم مبالغة في النهي عن العقد في العدة مثل النهي عن القرب من الزنا وغيره، أي لا تقصدوا عقدة النكاح كأن المراد بالعقدة الحالة الثانية بسبب العقد في النكاح بين الزوج والزوجة، وقيل: معناه ولا تقطعوا عقدة النكاح لأن العزم بمعنى القطع، وجعل في الكشاف سند هذا قوله في الحديث لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل، وليس بواضح إذ يحتمل العقد والنية كما قيل، قال: ويروي لا صيام لمن لم يبت الصيام " حتى يبلغ الكتاب " ما في القرآن " أجله " أي ينقضي العدة الواجبة فيه، أو المراد بالكتاب المكتوب وهو المفروض.
" واعلموا أن الله يعلم ما في أنفسكم " ما تعزمون وما في قلوبكم من العزم على ما لا يجوز " فاحذروه " أي فابعدوه ولا تفعلوه خوفا أن تعاقبوا، فهو تخويف وترهيب وإشارة إلى المبالغة في عدم قرب المعاصي كأنه يعاقب بمجرد العزم لا أنه يعاقب به كما هو الظاهر، لأن المشهور عند الأصحاب أنه لا يعاقب بعزم الحرام ويثاب بعزم الطاعة وهو من جملة ألطافه تعالى، وإن كان ذلك أيضا محتملا وذهب إليه السيد السند، ويحتمل أن يكون معنى القول المشهور أنه لا يعاقب بعقاب الحرام المنوي وإن يعاقب بعقاب العزم بخلاف النية على الطاعة، فإنه يثاب الناوي بثواب تلك الطاعة، ويؤيده ما روي عنه عليه السلام نية المؤمن خير من عمله، و في معناه بحث ليس هذا محله، فافهم.
وأيضا يؤيد الأول قوله تعالى " واعلموا أن الله غفور حليم " لعله يدل على أنه لا يعاقب على العزم لحمله في تأخير العقاب حتى يقع المنهي، أو لكثرة فعل المغفرة بل في جميع المعاصي فإنه لا يعاقب ولا يكتب، بل ينتظر المسقط والتوبة كما في الأخبار.
ففيها دلالة على جواز التعريض للخطبة مطلقا وعلى تحريم التصريح في الجملة