" والله موليكم " متولي أمركم، " وهو العليم " بما يصلحكم فيشرعه لكم " الحكيم " المتقن في أحكامه وأفعاله، فما حلل إلا لمصلحة، وما حرم إلا لذلك ولا يفعله إلا لغرض صحيح، ولا يحل إلا ما هو أصلح لكم، فنصحته لكم أولى من نصحتكم، وما حلل لكم أولى مما تحرمون على أنفسكم، فلو كان التحريم مصلحة لحرم.
واعلم أن في تتمة السورة عتابا كثيرا وتعريضا جزيلا بالنسبة إلى من يؤذي النبي صلى الله عليه وآله وأن ذلك موجب للتوبة والعقاب بدونها، ولا ينتفع بعد ذلك القرب من النبي صلى الله عليه وآله ولصوق جلده بجلده، حيث قال " إن تتوبا إلى الله " قال في الكشاف والقاضي خطاب لحفصة وعائشة على طريق الالتفات للمبالغة في المعاتبة " فقد صغت قلوبكما " فقد وجد منكما ما يوجب التوبة وهو ميل قلوبكما عن الواجب في مخالصة الرسول صلى الله عليه وآله من حب ما يحبه، وكراهة ما يكرهه.
ونقل في الكشاف عن ابن عباس أنه قال: لم أرل حريصا على أن أسأل عمر عنهما إلى قوله ثم قال أي عمر: هما حفصة وعائشة وفي حرص ابن عباس للسؤال عن عمر عنهما نكتة فافهمها.
و " إن تظاهرا عليه " في القاضي والكشاف وإن تعاونا عليه بما يسوؤه " فإن الله هو مولاه " وليه وناصره " وجبريل " من الملائكة مع كونه رأسهم، ولهذا أفرد " و " من الناس " صالح المؤمنين " قيل: صالح المؤمنين هو جنس من كان مؤمنا وصالحا، وبرئ من النفاق، قيل: هم الأنبياء وقيل الخلفاء.
قال في القاضي المراد الجنس ولهذا عم بالإضافة قلت هذه الإضافة لا تفيد العموم في المضاف، وهو ظاهر، نعم لو كان المضاف جمعا أمكن ذلك كما في المعرف باللام لما قيل إن للإضافة معاني التعريف فتأمل والمتبادر منه أن المراد صالحهم أي الذي أصلح من كلهم، لأن الإضافة تفيد العموم كما يقال صالح آل فلان وعالمهم، فلا يبعد كون المراد واحدا منهم يكون أصلحهم وهو علي بن أبي طالب عليه السلام كما ورد في الأخبار أنه الأقضى والأعلم والأصلح.