ويحتمل بعيدا أيضا أن يكون المراد أم المرتضع أي المرضعة يجب على نفسها حينئذ نفقتها وكسوتها ويحتمل إرادة الجد والجدة أيضا على المذهب أو كانت الأم المرضعة محتاجة لا تعيش بدون أجرة رضاعها ويحتمل أيضا كونها واجبة على الورثة في مال الميت بأن كان أوقع الإجارة، ومات من غير أن يسلم تمام الأجرة فتكون الآية حينئذ دليلا على عدم بطلان الأجرة بموت المؤجر، وقيل المراد وارث الصبي وهو خلاف الظاهر إذ الظاهر أن المراد من الوارث وارث الميت المشار إليه وأيضا إن الوارث إنما يقال حقيقة إذا ورث وإطلاقه على من يكون وارثا على تقدير موت الصبي وتخلفه مالا بعيد، وأيضا ليس بمنطبق على المذهب المتقدم إلا بالتأويل المذكور في الجملة فلا يحتاج حمله على خلاف الظاهر، إذ يصح حمله على وارث الوالد.
" فإن أرادا " الوالد والوالدة " فصالا " أي قطع الولد من الرضاع قبل الحولين أو بعده، على الاحتمال كما قاله في الكشاف، فإن الفصال أعم فالحمل عليه دون ما قبله كما في باقي التفاسير أولى، صادرا " عن تراض منهما وتشاور " مشتملا على مصلحة الصبي وعدم ضرر به " فلا جناح " ولا إثم " عليهما " فيما فعلا وحذف للظهور واشتراط رضى الأب مما لا كلام فيه، لأنه ولي اتفاقا وأما الأم فلأنها أحق بالتربية وهي أعرف بحال الصبي مع كثرة حقها عليه وزيادة شفقتها له، فناسب اعتبار رضاها، إذا لم يكن قصدها إلا الاصلاح، ولا يبعد حينئذ الرضا والمشورة من العارفين بحال الصبي فكيف الأم العارفة فكأن في إطلاق التشاور من غير الإضافة إليهما إشارة إلى ما قلناه فافهم، [و] التشاور والمشاورة والمشورة استخراج الرأي من شرت العسل إذا أخرجته.
فدلت الآية على جواز النقص والزيادة على الحولين، لكن مع التراضي والمصلحة، وهو ظاهر، وقاله الأصحاب أيضا، لكن ما ذكروا التراضي وحددوا بشهر واثنين وثلاثة كأنه للإجماع أو الرواية كما مر.
" وإن أردتم " خطاب للأزواج " أن تسترضعوا " المراضع " أولادكم " أي لأولادكم فالاسترضاع يتعدى إلى مفعولين حذف أحدهما للاستغناء عنه. وكذا