يدعونه إلى سبب دخول الجنة والمغفرة، وهو الايمان والطاعة، فهم الذين تجب مودتهم ومواصلتهم ومصاهرتهم، فالمضاف محذوف كما قالا فيهما.
" والله يدعوا إلى الجنة والمغفرة " يعني بين دعوتهم ودعوة الله منافاة فلا ينبغي أن يصاهروا ولا يكون بينهم وبين المؤمنين إلا القتال والعداوة لا المحبة اللازمة بين الزوجين، فلا يحتاج إلى حذف كما فعله في مجمع البيان. " بإذنه " أي بتيسير الله وتوفيقه للعمل الذي يستحق به الجنة والمغفرة " ويبين الله آياته " أي حججه وقيل أوامره ونواهيه، وما أباحه وما حرمه " للناس لعلهم يتذكرون " لكي يتعلموا ويتذكروا ويتعظوا، وليكونوا بحيث يرجى منهم التذكير لما تقرر في العقول من الميل إلى الخير، ومخالفة الهوى، قاله القاضي وهو مناسب للحسن العقلي لا الشرعي.
ثم اعلم أن الكلام في استنباط الأحكام أن يقال: ظاهرها دال على تحريم التناكح بين المسلم والكافر الذي هو المشرك الحقيقي وشمول المشرك للكتابي الذي يقول بوحدانية الواجب غير ظاهر لغة وعرفا، لكون القول بأن لله ابنا لا يستلزم الشرك الحقيقي، وإطلاقه عليهم في الآية السابقة لا يستلزم كونه حقيقة فيهم أيضا حتى يرادوا منه مطلقا، وأيضا لا تشمل جميع غير المشرك الحقيقي من أصناف من يحكم بكفره، والأصل وعموم أدلة النكاح يدل على الجواز ولا يمنعه عدم جواز تزويج المسلمة بالكافر مطلقا إجماعا ولا يستلزم ذلك كونه مستفادا من هذه الآية وعلى تقدير التسليم لا يستلزم عموم المشركات، وآية المائدة ظاهرة في الجواز فانتظر زيادة التحقيق هناك.
وأن يقال: إنها تدل على عدم جواز نكاح المشركة لو صارت كتابية لقوله " حتى يؤمن " حيث جعل غاية التحريم الايمان، فلو كان تلك أيضا غاية فلا تصير الغاية غاية، ولا يبعد دلالتها على عدم تقدير الوثنية على دين الكتابية، وإلا لكان ينبغي جواز نكاحها على تقدير جواز نكاح الكتابية، وأنها تدل على جواز نكاح المخالفة من أنواع المسلمين لكون الايمان بمعنى الاسلام على ما يظهر من التفاسير