والعفة ليجد مالا كثيرا أو يصير غنيا، ولهذا لا يجدون، ويحتمل أن يكون معنى " حتى " غاية للاستعفاف، ويكون المراد بالنكاح الزوجة المناسبة بحاله.
وبالجملة على التقادير لا منافاة بين ما تقدم وهذه، إذ الأولى أمر للأولياء بالانكاح وعدم جعل الخوف مانعا، وهذه ترغيب للأزواج بطلب العفة حتى يغنيهم الله وأن يزوجوه ولكن له الأولى عدم ذلك، أو يكون المراد بالثانية مجرد الإباحة والرخصة دون الرجحان والأولى أن يكون المراد هو عدم الزوجة ونحو ذلك فتأمل ويحتمل أيضا أن يكون معناها وجوب الصبر والاستعفاف بمعنى عدم التعدي والميل إلى السفاح، فكأنه قال: لا يسفح الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله فتأمل.
الثالثة: وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم أن لا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم (1).
أي إن خشيتم أن لا تعدلوا بل تجوروا في يتامى النساء إذا تزوجتم بهن فتزوجوا غيرهن ممن طاب لكم من النساء اللاتي لا تقدرون على عدم العدل لعشيرتهن ونحوها، فتعدلوا بينهن ولا تقصروا في حقهن من المهر والنفقة، وروي أنهم كانوا إذا وجدوا يتيمة ذا مال وجمال تزوجوها فربما يجتمع عند أحدهم عدة منهن فيقصرون فيما هو واجب عليهم، فنزلت. وروي أيضا أنهم لما كانوا يتحرجون عن اليتامى والتصرف في أموالهم خوفا من العقاب بعد أن عرفوا عظم أمر اليتامى والتصرف في أموالهم ولا يتحرزون عن الجور في أمور النساء من عدم التعديل والتقصير في المهر والنفقة، نزلت هذه الآية، أي إن خفتم من العقاب وتحرجتم من اليتامى لذلك فينبغي أن تتحرزوا في أمور النساء أيضا عن ترك ما هو واجب