طلب المرأة ذلك، ومما يدل على كونه مندوبا إليه قوله صلى الله عليه وآله من أحب فطرتي فليستن بسنتي وهي النكاح، وعنه عليه السلام من كان له ما يتزوج به فلم يتزوج فليس منا وهذا يدل على الوجوب فتأمل، وعنه عليه السلام إذا تزوج أحدكم عج به شيطانه يا ويله عصم ابن آدم مني ثلثي دينه، وعنه عليه السلام يا عياض لا تزوجن عجوزا ولا عاقرا فإني مكاثر (1) والأحاديث فيه عن رسول الله صلى الله عليه وآله كثيرة وربما كان واجب الترك كما إذا أدى إلى معصية أو مفسدة، وعن النبي صلى الله عليه وآله إذا أتى على أمتي مائة وثمانون سنة من هجرتي فقد حلت لهم العزوبة والعزلة، والترهب على رؤس الجبال، وفي الحديث: يأتي على الناس زمان لا تنال المعيشة فيه إلا بالمعصية فإذا كان ذك الزمان حلت العزوبة، وهذه أيضا تدل على وجوب التزويج في الجملة ويفهم من كلامه أن الأمر إذا آل إلى المعصية يصير ذلك حراما فيكون ما يتوقف ويحصل به الحرام حراما ككون ما يتوقف عليه الواجب واجبا، ولبعض العلماء فيه نزاع وليس هذا محله.
وتدل الآية على وجوب قبول الولي الخطبة وتزويجه المولى عليها حرا كان أو مملوكا، وذلك غير بعيد، إذا كان فيه مصلحته، بأن كان الزوج قادرا على النفقة وكفوا كما يدل عليه بعض الأخبار، وفي كلام الأصحاب أنه يجب إجابة الكفؤ القادر، فيفهم الوجوب على الزوجة أيضا وفيه تأمل ذكرناه في محله، وظاهر الآية عدم اشتراط القدرة والكفؤ، وكأنه مفهوم من الخبر والاجماع، فالآية دليل ترغيب الأولياء والوكلاء وإن لم يكونوا أولياء شرعا بتزويج من يسمع كلامهم ويتبعهم، وعدم جعل فقر الزوج والزوجة مانعا، معللا بأن الله هو المغني، بل في الأحاديث ما يدل على أن التزويج موجب للغناء وأن تركه خوفا من الفقر سوء ظن بالله.
ولكن جعل في الكشاف ذلك مشروطا بمشيئة الله تعالى، حيث قال ينبغي أن يكون شريطة الله غير منسية في هذا الموعد ونظائره، وهي مشيته، ولا يشاء الحكيم