والظاهر أن اشتراط السفر وعدم وجدان كاتب لمشروعية الرهن خارج مخرج الغالب، وذكر لما هو الأحوج إليه، إذ الظاهر عدم الخلاف في مشروعيته بدونهما، وما ذكره القاضي بقوله ليس هذا التعليق لاشتراط السفر في الارتهان إلى قوله بل لإقامة التوثيق بالارتهان مقام التوثيق بالكتب في السفر الذي هو مظنة اعوازها مقتصرا للكشاف غير ظاهر، ولعل عدم الكاتب شرط عندهما، وهو بعيد على أن كلامه يدل على مدخلية السفر فتأمل، ويحتمل أن يكون مستحبا حينئذ فقط وإن كان جايزا بالإجماع والخبر.
ثم إن ظاهرها الوجوب، ولكن الظاهر أنه ما ذهب إليه أحد فيحمل على الاستحباب أو الارشاد مثل الكتابة والاشهاد ولا يبعد كون المخاطب بفعله والمرغب فيه المريد من الذي له الحق والذي عليه كما في الكتابة والشهادة إذ نفعه يعمهما ومعنى الرهن والقبض معلوم من كتب الفقه، وكذا سائر الشروط.
فدلت على إباحة الرهن بل كونه مرغوبا أخذا وإعطاء، قيل: وعلى كون القبض شرطا لصحة عقد الرهن وترتب فائدته عليه، قال القاضي: والجمهور على الاشتراط غير مالك، وهو مذهب أكثر الأصحاب، وقال في مجمع البيان: إن لم يقبض لم ينعقد بالإجماع، وكأنه يريد الأكثر أو لم يعتبر المخالف وهو بعيد، إذ الشيخ في الخلاف وموضع من المبسوط والعلامة وابن إدريس وذهبوا إلى عدم الاشتراط، وقال في كنز العرفان: المحققون من الأصحاب عليه (1) وهو أيضا غير واضح.
واعلم أن دلالة الآية بمفهوم الوصف على مذهب الأكثر كما قيل غير ظاهر بل يمكن أن يكون دليل مذهب الأقل إلا أن يكون الوصف للبيان كما يدل عليه رواية محمد بن قيس عن أبي جعفر عليه السلام قال لا يرهن إلا مقبوضا (2) وإن كان فيه محمد بن قيس المشترك بين العدل وغيره ولكن الظاهر من فتوى الأكثر به مع عدم جواز الفتوى بخبر غير العدل أنه هو العدل فتأمل فيه.