يعطي شيئا حتى يستوفي الحق، وعدم الإثم وعدم الحرج حينئذ محل التأمل.
ولا شك في تحريم الاعراض والنشوز إذا كان عما يجب عليه، فيمكن أن يحمل على ترك بعض الأمور المتعارفة المتداولة بين الزوج والزوجة من التلطف وحسن المعاشرة زائدة على الواجبات، بأن يتركه وعمل بمحض الشرع المر إعراضا عنها وتوجها إلى غيرها مما يجد فيها من المنفرات فلا جناح حينئذ أن يستعطف المرأة فتبذل له ما يريد حتى يتوجه إليها بالمتعارف وحسن المعاشرة والمحبة والمودة الزائدة على الواجب وترك المحرم، أو أن المراد بأن يصلحا صلحا:
لا يستلزم قبيحا.
ثم قال: " والصلح خير " معناه والصلح بترك [بعض] الحق خير من طلب الفرقة بعد الألفة أو من النشوز والاعراض وسوء العشرة، أو هو خير من الخصومة في كل شئ، والصلح خير من الخيور كما أن الخصومة شر من الشرور، فليس أفعل التفضيل بمعناه بل استعمله في معنى أصل الفعل، وهو كثير، هذا إذا كان بطيب من نفسها، فإن لم يكن كذلك، فلا يجوز له إلا ما يسوغ في الشرع من القيام بالكسوة والنفقة والقسمة وإلا طلاقها.
فدلت على الترغيب في حسن المعاشرة، بحيث لا يتوقع منهما النشوز والاعراض وعلى تقدير الوقوع ينبغي رفعهما، وطلب إدامة النكاح دون الطلاق والمفارقة وأنه ينبغي تركه، وأنه يجوز أخذ عوض ترك النشوز مع طيب النفس وأن الحق للزوجة مثلا، وليس بحق من الله فباسقاطها مثل القسمة والنفقة يسقط، ويفهم من ظاهر التفاسير أنه يسقط بإسقاطها قبل وقته أيضا فدلت على جواز اسقاط ما لم يجب فإذا أسقطت ليلتها أو وهبتها لغيرها قبل وقتها يسقط كما نقل فعل سؤدة بنت زمعة بالنسبة إلى عائشة فتأمل.
الخامسة: إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم (1).
السادسة: فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل (2) مضمونهما الترغيب في المواساة