وهو الاستباق والانتضال حتى يتعودوا أنفسهم لقتال العدو بدليل " إنا ذهبنا نستبق " كما قال في الكشاف ولكن لا يحتاج إليه لما تقدم من احتمال اختصاص الإباحة بدينه ولا إلى قوله حتى يتعودوا على أن في إباحة الاستباق تأملا إلا أن يريد الاستباق بالفرس ونحوه ولكن الظاهر أن المراد هو الاستباق بالأقدام، فيحتاج إلى جعله من خصائص دين يعقوب عليه السلام قال في مجمع البيان: أراد به اللعب المباح مثل الرمي والاستباق بالأقدام، وقد روي أن كل لعب حرام إلا ثلاثة: لعب الرجل بقوسه وفرسه وأهله، والسند غير ظاهر، وفي المستثنى والمستثنى منه تأمل.
وفي قص الرؤيا، ومنع يعقوب اقتصاصه على إخوته معللا بأنهم يكيدوا له كيدا دلالة على جواز قص الرؤيا، وأنها قد تكون صادقة، وجواز النصيحة ولو كانت مشتملة على ما يشعر بذم شخص فتأمل. قيل في قوله تعالى " اجعلني على خزائن الأرض " (1) أي ولني خزائن أرضك أي اجعلني وكيلا وحاكما على ملكك " إني حفيظ عليم " أمين أحفظ ما تستحفظني، عالم بوجوه التصرف، دلالة على جواز مدح النفس وتزكيتها ليتوصل به إلى غرض صحيح، مثل التولية لامضاء الأحكام الشرعية، وإقامة الحدود وبسط العدل، ودفع الظلم، وبالجملة للآمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى جواز طلب التولية والقضاء من حكام الجور إذا علم أنه قادر على إجراء الأحكام والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على ما هي عليه كما ذكره الفقهاء رحمهم الله، بل قد يجب حيث علم عدم حصول ذلك إلا بطلبها لنفسه والعقل يدل عليه ولا يحتاج إلى هذه الآية مع أنه فرع حجية شرع من قبلنا، وقياس غير النبي عليه، وعلمه بعلمه مع أنه كان مستقلا، لا عاملا ولا نايبا وفرض العلم في غيره بحيث يكون عالما بخلو توليته عن جميع المفاسد في نفسه وغيره لا يخلو عن بعد، إذ نجد أن مخالطة الحكام والتسلط على الناس يخرب الدين، وبالجملة كل ذلك إذا كان معلوما عنده أنه يفعله ابتغاء وجه الله كما فعله يوسف عليه السلام بأمر الله ولا شك في جوازه بل وجوبه، وفي جعل السقاية في رحل