يبلغ رشده أي يبلغ ويرشد، وقيل حتى يبلغ ويصير بالغا، وهو جمع شدة كنعمة وأنعم، والأول أولى، لأن الظاهر أنه غاية النهي للتصرف، ولو كان بإذنه، إلا أن يكون بإذن الولي ومعلوم أنه بعد مجرد البلوغ لم ينته المنع عن التصرف و إن كان بإذنه أيضا لعدم الرشد فالتصرف في ماله مطلقا بإذنه وبدونه حرام إلى أن يرشد ويبلغ.
وتدل أيضا على جواز التصرف في ماله إن كان أحسن، فلو كان عند الانسان ما يتلف من ماله يجوز حفظه بأي نوع كان، وإذا خيف تلفه يجوز بيعه وإقراضه من ملي أمين مع الشهود والرهن إن لم يوجد أحسن منه، وأن يؤجر عقاره، وأن يعمر ويحفظ عن الخراب ونحو ذلك، ويدل عليه الأخبار أيضا، ولهذا قال الفقهاء بذلك، وجوزوا كون بعض العدول بمنزلة الوصي على تقدير عدمه، بأن يجعله الحاكم وصيا له في ذلك، وإذا لم يكن الحاكم، له أن يفعل ذلك، وبالجملة الولي مقدم، فإن لم يكن فالوصي فالحاكم فالعدل، فيمكن جواز الشراء منه وتسليم الثمن إليه ونحو ذلك، وجعله بمنزلة الوصي فتأمل.
وأما من كان في يده ماله فبالنسبة إليه يمكن كفاية كونه أمينا موثوقا بنفسه بل مطلقا في حفظه وما هو يقينا أحسن من عدمه لعموم الآية، ويؤيده تكرار هذه الآية في القرآن العزيز، وموافقته للعقل، ووجد أنه حسنه والاحتياط لا يترك.
ويدل عليه أيضا الآيات التي في بيان حكاية الخضر وموسى عليهما السلام حيث دلت على التصرف بغير الإذن، مثل خرق السفينة، وإقامة الجدار، ونحو ذلك وسوق الجواب يدل على عدم اختصاص ذلك بدين دون آخر وهو ظاهر، ويؤيده العقل وحينئذ لا يبعد جواز التصرف في ماله غير اليتيم أيضا إذا كان أحسن بأن كان مجنونا أو غائبا ويتلف ماله ويخرب عقاره إن لم تؤجر، فيؤجرها بعض العدول، وكذا دوابه وبعض آلاته التي تتلف يقينا أو ينقص، بحيث يجزم كل عاقل أن بيعه أو إجارته أحسن ويرضى به مالكه العاقل، كما أن الله تعالى يوصل ضررا بالعبد لمرض ونحوه مع تعيين عوض يرضى به كل عاقل، ويؤيده كونه