الأوثان دون الله كما قال في الكشاف وتفسير القاضي فإن سبب الورود ليس بمخصص بل المدار والاعتماد على ظاهر اللفظ كما هو الحق المثبت في الأصول ولا شك في عموم اللفظ وأن العالم والأفضل يهدي بنفسه، بل ظاهر " أن يهدى " أنها في غير الأوثان لعدم قابليتها للهداية، وهو ظاهر، فيمكن أن يستخرج عدم جواز الاجتهاد للنبي والإمام، حيث يقدران على تحصيل العلم من الله، وكذا عدم الاجتهاد لمن يقدر على الأخذ بالعلم منهما، بل عدم جواز الأخذ بالظن مطلقا مع القدرة على العلم.
ويدل عليه " وما يتبع أكثرهم إلا ظنا إن الظن لا يغني من الحق شيئا " (1) قال في الكشاف: المراد بالأكثر جميع الكفار المذكورين سابقا قاله في تفسير القاضي أيضا وقال فيه أيضا: أو المراد من ينتمي منهم إلى تميز ونظر ولم يكتف بالتقليد الصرف، وفيهما تأمل إذ إطلاق الأكثر على الجميع بعيد، و لا بد للكل ظن بل الذي يقنع بمحض التقليد يجزم بذلك فكان المراد غير القليل الذي هو نادر جدا ولا اعتداد به أصلا، ووجوده وعدمه سواء، أو أن للبعض جزما إلا أن ذلك أقبح إذ الجزم بمعلوم البطلان ومن غير دليل باطل، إلا أنه يمكن أن يراد أن الأكثر يظهرون العلم والاعتقاد مع أن ليس لهم إلا الظن، أو أن المراد بطريق الاجتهاد والأقيسة الباطلة، فإن الكل وإن كان لهم ظن لكنه ليس من اجتهاد وقياس، وتأمل ونظر، بل مجرد تقليد الآباء، وكأنه مراد القاضي.
وقد يتوهم من ظاهر الآية أنها تدل على المنع من العمل بالظن واتباعه مطلقا لظاهر قوله " إن الظن لا يغني " فإن المتبادر منه عمومه وإن كان مفردا محلى باللام، وليس للعموم على الظاهر، وإن كان الكلام مع الكفار بالنسبة إلى المعتقدات، بل أصول الدين، ودفع الظن في مثل ذلك، فلا يجوز العمل والتعويل عليه إلا مع دليل أقوى أو مساو دلالة على الجواز من دلالتها على المنع، كما ثبت