والنسيان فلا يجوزونهما عليهم فيما يؤدونه عن الله تعالى وأما ما سواه فقد جوزوا عليهم أن ينسوه ويسهو عنه، ما لم يؤد ذلك إلى اخلال بالعقل، وكيف لا يكون كذلك وقد جوزوا عليهم النوم والإغماء، وهما من قبيل السهو، وهذا يدل على عدم الخلاف في ذلك عند الإمامية فتأمل فيه و " حتى " ههنا أيضا يحتمل ما قلناه فتأمل.
فالمراد بالخوض في الآيات الكفر بها والاستهزاء بها كما بين، فهاتان الآيتان تدلان على اجتناب الكفار حال كفرهم بل الفساق حال فسقهم، لأنهم ما صرحوا بأن [المراد من] " الذين " هم الكفار بل الذين يخوضون في الآيات بما لا يجوز، فهو قد يكون فسقا فقط، وإن كان ظاهر الآية الأولى يدل على أنه الكفر فتأمل.
" إن تبدوا " (1) أي تظهروا " خيرا " أي حسنا جميلا من القول والفعل بالنسبة إلى من أحسن إليكم بل أعم " أو تخفوه " أي تفعلوا ذلك سرا وخفية " أو تعفوا عن سوء " أي تصفحوا عمن أساء إليكم مع القدرة على الانتقام، ولا تجهروا له بالقول بالسوء، ولا بأدنى من ذلك وأقوى " فإن الله كان عفوا قديرا " صفوحا مع القدرة على المكافاة، فإنه يعفو مع ذلك ذنوبا كثيرة، فأنتم محتاجون إلى العفو فينبغي أن تفعلوا ذلك بالطريق الأولى لأنكم إن عفوتم عفيتم وإن رحمتم رحمتم وهو ظاهر عقلا وشرعا، وحذف جزاء " إن تبدوا " وأقيم مقامه ما يفهم منه ذلك مع وضوحه والتعليل، ففيها حث للمظلوم على العفو بعد ما رخص له في الانتقام حملا على مكارم الأخلاق كما أشرنا إليه.
" يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم (2) " الشرطيتان صفتان لأشياء، قيل: أي لا تكثروا مسألة رسول الله صلى الله عليه وآله عن تكاليف شاقة عليكم إن أفتاكم بها يغمكم كما سيجئ في حكاية سراقة، وإن تسألوا عنها في زمان الوحي وما دام الرسول بين أظهركم تبد لكم تلك التكاليف الشاقة، فتؤمرون بها فتعرضون أنفسكم لغضب الله بالتفريط