" والذين " إما عطف على المتقين كما قالوه (1) أو على ما عطف عليه مثل الكاظمين فمعناه أن الجنة أعدت للمتقين وللذين الخ فتكون معدة للمتقين و التائبين وهم يكونون الغرض الأصلي من خلق الجنة، فلا ينافي كونها لغيرهما أيضا بالتبع كما أن النار معدة للكفار ويدخلها الفساق أيضا.
فقول الكشاف " وفي هذه الآية بيان قاطع أن الذين آمنوا على ثلاث طبقات متقون وتائبون ومصرون، وأن الجنة للمتقين والتائبين منهم دون المصرين فمن خالف في ذلك فقد كابر عقله وعاند ربه " باطل، لما قلناه، ولغيره مما يدل على دخول غيرهما فيها من الآيات، مثل ما يدل على العفو والتفضل والاحسان و المغفرة لمن يشاء، ومن عمل صالحا يجز به وسائر ما يدل على وجوب اتصال ثواب العمل إلى صاحبه، وأن الايمان موجب لدخول الجنة، وللأخبار العامة والخاصة ولأنه يلزم خلود النار من فعل ذنبا واحدا آخر عمره، ولم يتب، وهو بعيد جدا وأن ما ذكره مبني على أن كل ذنب كفر ومحبط لما قبله، وهما باطلان ولأن ظاهر قوله تعالى " أولئك جزاؤهم " كالصريح في أن ذلك جزاء عملهم.
فدلت على أن الجزاء وأجر العمل الموجب لدخولها مخصوصة بهما، فلا تدل على عدم دخول غيرهما تفضلا وإحسانا وعفوا وكظما للغيظ التي هي محبوبة لله تعالى ويحرض عليها عباده، فيبعد أن يمنع نفسه هذه الصفات الكاملة مع ترغيبه العبد الضعيف الذي الانتقام كالخلق والطبع له، على أن ليس الدلالة إلا بمفهوم ضعيف كما بين في الأصول، ولهذا قال سبحانه تعالى في سورة الحديد " سابقوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها كعرض السماء والأرض أعدت للذين آمنوا بالله ورسله (2) ".
فعلم أن ذكر المتقي للاهتمام أو غير لا للحصر، وأنه يبقى قسم آخر، و