ومحمد صلى الله عليه وآله، وقيل هي في المستضعفين بمكة الذين نزل فيهم " ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها " وإنما كان ذلك لأن أمر دينهم ما كان يستتب بين ظهراني الكفرة، في مجمع البيان: بين تعالى أنه لا عذر في ترك طاعته فقال: يا عبادي - الآية - فاهربوا من أرض يمنعكم أهلها من الايمان والاخلاص في عبادتي، وقال أبو عبد الله عليه السلام معناه إذا عصي الله في أرض أنت فيها، فاخرج منها إلى غيرها، فيمكن أن يستدل بها على الهجرة من دار الكفر التي لا يقدر على إظهار شعائر الاسلام، و كذا على الهجرة من الدار التي تكون كذلك فتأمل.
الرابعة: " والذين هاجروا في الله (1) " أي تركوا منازلهم ومواضعهم في حق الله ولوجهه " من بعد ما ظلموا " أي من بعد ما ظلمهم أعداؤهم مثل المشركين وغيرهم " لنبوأنهم في الدنيا حسنة " أي لنسكننهم في الدنيا بلدة حسنة أحسن مما أخرجوا وهاجروا عنه " ولأجر الآخرة أكبر " أعظم وأحسن مما أعطيتم في الدنيا " لو كانوا يعلمون " أي الكفار أن الله يجمع للمهاجرين أجر الدنيا والآخرة، لرغبوا في دين الاسلام، وتركوا أذى المؤمنين وإخراجهم، إذ لو علم المؤمنون ذلك الجمع وما أعد لهم في الجنة، لازدادوا سرورا وحرصا على التمسك بالدين " الذين صبروا وعلى ربهم يتوكلون " هم الذين صبروا على المهاجرة والمجاهدة، وبذل النفس في سبيل الله، وأذى المخالفين، وهم الذين يتوكلون على ربهم لا على الغير.
فهي دالة على استحباب المهاجرة ووجوبها عن دار الكفر والخلاف لو ظلموا أو أذوا ولم يتمكنوا من إقامة لوازم الدين، وعلى كثرة الأجر في ذلك، وعلى الصبر والتوكل، وهو ظاهر وإن كانت نازلة في حق جماعة متخلفين بعد مهاجرة رسول الله صلى الله عليه وآله من مكة إلى المدينة، مثل بلال وصهيب وروي أن صهيبا قال للمشركين أنا رجل كبير إن كنت معكم لم أنفعكم وإن