مبتدأ وكفر كذلك عطف عليه والمسجد الحرام كذلك بتقدير صد، ويحتمل عطفه على سبيل الله، وفيها قصور لأن حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه مجرورا مع كون المقدر، المعطوف عليه، قليل، بل غير معلوم الوقوع، والفصل بين المجرور وما يتعلق به بالمعطوف عليه بعيد، وقيل عطف على المجرور في " به " أي وكفر بالمسجد الحرام فعطف على المجرور من غير إعادة الجار وهو جائز بل واقع في القرآن العزيز مثل قوله تعالى " تساءلون به والأرحام (1) " بجر الأرحام وقول الكشاف والقاضي إنه ضعيف، باطل، فإنه من السبعة المتواترة وفي أشعار الفصحاء أيضا واقع فينبغي القول به إذ لا دليل على نفيه لا عقلا ولا نقلا، وما ذكراه من أنه يلزم عطف على ما هو كبعض الكلمة، لا يصلح دليلا عليه، بحيث يلزم تأويل الآيات والأشعار.
والكفر بالمسجد عدم اعتقاد كونه معبدا " والفتنة " أي الكفر فإنه فتنة في الدين " أكبر من القتل " الذي وقع في الشهر الحرام من المسلمين " ولا يزالون يقاتلونكم " يعني أن الكفار يقاتلونكم أيها المسلمون دائما حتى يرجعوكم عن دينكم إن قدروا على ذلك " ومن يرتدد " من المسلمين " عن دينه " ولم يتب حتى مات على الارتداد فأولئك صارت أعمالهم باطلة كأن لم يكن، ولم ينتفعوا بها في الدنيا والآخرة.
وسمى الهلاك حبطا لأنه في الأصل كلا إذا أكله الماشية يلحقها الفساد في بطنها، ويقال: حبطت الإبل يحبط حبطا إذا أصابها ذلك، قاله في مجمع البيان (2) وقال فيه أيضا معناه أنها صارت بمنزلة ما لم تكن لايقاعهم إياها على خلاف الوجه المأمور به، لأن إحباط العمل وإبطاله عبارة عن وقوعه على خلاف الوجه الذي يستحق به الثواب، وليس المراد أنهم استحقوا على أعمالهم الثواب ثم حبطت لأنه قد دل الدليل على أن الاحباط على هذا الوجه لا يجوز.
أقول: المشهور بين الأصحاب أن مذهب الاحباط والتكفير باطل، وقد ادعي