الخير، فكلما نزلت بهم حاجة محتاج عجلوا قضاءها ولم يؤخروها ولم يتعللوا بوقت ولا حال، ولا مال دون آخر، خوفا من الفوت وعدم الوصول إلى مرضات الله به، والظاهر من " أموالهم " جميع الأموال، ويدل عليه سبب النزول أيضا، وكأن معنى الآية الأنفاق في النهار سرا وعلانية، وكذا في الليل، ولعل محصل سبب النزول ذلك والإشارة إلى الأنفاق مطلقا والمبالغة في ذلك، وعدم تركه وعدم جعل شئ مانعا له، وإلا فالسر إما ليلا أو نهارا، وكذا العلانية وبالعكس فتأمل.
ويفهم من قوله تعالى " فلهم أجرهم عند ربهم " أن ذلك بالاستحقاق وفي القرآن العزيز والأثر الشريف أمثالها كثيرة فقول المجبرة بأن العبد لا يستحق شيئا بعمله باطل، وتفخيم الأجر، وأنه أجر عظيم (1) وأن ذلك أجر الأنفاق وأنه لا خوف عليهم من أهوال يوم القيامة، ولا هم يحزنون فيه، مع عظم هول ذلك اليوم وحزن الناس فيه كما هو المعلوم والآيات والأخبار مشحونة به وبالجملة عذاب هذا اليوم وشدته معلوم من الدين ضرورة، بحيث لا يحتاج إلى الإشارة، و مع ذلك المنفق المذكور آمن من ذلك كله بالانفاق المذكور، فكان الانفاق أمرا عظيما عند الله، وأن لله اهتماما بحال الفقراء، وفي الأخبار أيضا ما يدل عليه.
الثالثة: يسألونك ماذا ينفقون قل ما أنفقتم من خير فللوالدين و الأقربين واليتامى والمساكين وابن السبيل وما تفعلوا من خير فإن الله به عليم (2).
السؤال طلب الجواب، وأما كونه بصيغة مخصوصة كما قيد به في مجمع البيان فغير واضح، والنفقة، الظاهر أنها صرف المال، وقال فيه: إنها اخراج الشئ عن ملكه ببيع وهبة وصلة وغير ذلك، وقد غلب في العرف على اخراج ما كان من