وبعيد من الفاعل أيضا ذلك وأيضا في الأخبار ما يدل على مدح الصدقة عن جهد واحتياج، والأخبار التي تدل على مواساة الاخوان أو التسوية قد تنافي ذلك، و يكفي في ذلك فعل أمير المؤمنين وأهل بيته عليهم السلام حتى نزلت هل أتى، وقوله تعالى " ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة (1) " أي حاجة ولكن يوافق الأول " ولا تبسطها كل البسط " (2) ومثله " خير الصدقة ما أبقت غنى " (3) ولعل وجه الجمع باعتبار الأشخاص فكل من يقدر على الصبر، ولا تجره الصدقة إلى السؤال، و ارتكاب المحذورات، تكون تصدقه بجهده أفضل، ومن لم يكن كذلك فلا، أو بالنسبة إلى العيال والأهل وعدمهم، الله يعلم.
" كذلك يبين الله لكم الآيات " والحجج في أمر النفقة والخمر والميسر المذكورين في صدر الآية (4) أو مطلق أحكام الشرع بيانا مثل هذا البيان أو يبين لكم الآيات والدلائل في أمور الدين والدنيا، فكذلك، صفة لمفعول مطلق محذوف. لكي تتفكروا في أمور دينكم ودنياكم، وتفهمونها وتختارون ما هو الأصلح وأنفع لكم مثل العفو على الجهد أو تتفكرون في الدارين فتؤثرون أبقاهما وأكثرهما نفعا ويجوز أن يكون إشارة إلى قوله " إثمهما أكبر من نفعهما " أي لتتفكروا في عقاب الإثم في الآخرة، والنفع في الدنيا حتى لا تختاروا النفع القليل العاجل على العقاب العظيم.
الخامسة: يا أيها الذين آمنوا انفقوا مما رزقناكم من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة والكافرون هم الظالمون (5).
أي أنفقوا أيها الذين آمنتم بمحمد صلى الله عليه وآله وبما جاء به، فكأن تخصيصهم لأنهم المنتفعون، فإن الكفار أيضا مكلفون بالفروع على المذهب الصحيح، فكأنه