تقدير الاستحقاق، وأيضا إن الاحباط ممكن على تقدير الاستحقاق الشرعي وما أبطله حينئذ فما بطل الاحباط وقد كان المطلوب ذلك، وثامنا ينبغي أن يقول ولا اندفاع الباقي بالطاري كما يقتضيه مدعاه، ودليله، وإلا يصير الدليل أخص من المدعى وهو ظاهر فتأمل، وتاسعا أن لا معنى لنفي الاستحقاق العقلي أصلا مع أن دليله ينفي الشرعي أيضا فإن القائل لم يدع الاستحقاق عقلا من غير شرع. بل يدعي أن العقل يحكم به بعد ورود الشرع، لوجود الآيات الكثيرة الدالة على ذلك، والقرآن مشحون بذلك مثل " جزاء بما كنتم تعملون (1) " و " بما كسبتم (2) " وأمثال ذلك كثيرة جدا والأشاعرة يدعون أن ليس ذلك بالاستحقاق لا عقلا ولا شرعا وقال العلامة الدواني في إثبات الواجب: الثواب والعقاب ليسا لسابقة استحقاق من غير قيد بالعقل ودليلهم يدل على ذلك وهو أن فعل العبد ليس باختياره، و أنت تعلم فساد هذا الكلام، فإن الآيات والأخبار مشحونة باستحقاق العبد إياهما مثل ما مر، وهب أن لا استحقاق للثواب، لاحتمال التفضيل، فلا معنى للعقاب بغير استحقاق وهو ظاهر، والمخلص أن لا معنى لنفي الحسن والقبح العقليين ولا لعدم استحقاق الثواب فالعقاب بالعمل، وجواز إدخال الشيطان وسائر العصاة الجنة، والأنبياء النار، كما جوزه الأشعري، وأن ما يدل على الاحباط كثير جدا والتأويل ما تقدم فتأمل.
" والله عليم - بجميع - ما تعملون " من الأنفاق أو مطلق العمل سرا وجهرا ليلا ونهارا حسنا وقبيحا ويجازي على ذلك العمل على قدر الاستحقاق، ويتفضل على قدر ما يريد بفضله.
ثم إن ظاهر الآية، يدل على أفضلية إخفاء الصدقة مطلقا، ويدل عليه بعض الروايات أيضا مثل صدقة السر تطفئ غضب الرب وتطفئ الخطيئة