فهذه الآية تدل على استحباب كون الداعي مسارعا في الخيرات، وراغبا و راهبا وخاشعا ليستجاب دعاؤه، فيمكن أن يقيد به عموم ما يدل على استجابة الدعاء مطلقا، مثل قوله تعالى " ادعوني أستجب لكم " وهذا أحد الأجوبة لما يقال:
كثيرا ما ندعو ولا نرى الإجابة فتأمل.
قال في مجمع البيان: روى الحارث بن المغيرة قال قلت لأبي عبد الله عليه السلام أني من أهل بيت قد انقرضوا، وليس لي ولد، فقال لي: ادع وأنت ساجد رب هب لي من لدنك ذرية طيبة إنك سميع الدعاء رب لا تذرني فردا وأنت خير الوارثين " (1) فقد أشرنا فيما قلناه إلى معنى قوله تعالى في التحريص على الدعاء في الآيتين الأخيرتين بقوله " ادعوا ربكم تضرعا وخفية إن الله لا يحب المعتدين " و " ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين " (2).
" وليؤمنوا بي " أمر بتحصيل الايمان أي التصديق بجميع ما جاء به الأنبياء لمن لا ايمان له، وبالثبات والاستمرار للمتصف به أو التصديق بأنه قادر على الإجابة " لعلهم يرشدون " راجين في ذلك كله الرشد، يعني إصابة الحق والخير.
واعلم أنه لما أمر بعبادات شاقة وهي الصوم بتكميل العدة على وجه أمر به والقيام بوظائف التحميد والتكبير والشكر على ما يليق به، فإن الاتيان بالمأمور به على وجهه ومع شرائطه عسر ومشقة كما يفهم من الرواية المشهورة، وهي على ما سمعتها من بعض الفضلاء أنه روي أنه قال صلى الله عليه وآله شيبتني سورة هود إذ فيها " فاستقم كما أمرت " في الكشاف عن ابن عباس: ما نزلت على رسول الله صلى الله عليه وآله في جميع القرآن آية كانت أشد ولا أشق عليه من هذه الآية، ولهذا قال شيبتني سورة هود والواقعة وأخواتهما، وروي أن أصحابه قالوا له لقد أسرع فيك الشيب، فقال شيبتني سورة هود (3)، وعن بعض رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله في المنام فقلت له: روي عنك أنك قلت