رمضان فأصوم بعضا فيحضرني زيارة قبر أبي عبد الله عليه السلام فأزوره وأفطر ذاهبا وجائيا أو أقيم حتى أفطر وأزوره بعد ما أفطر بيوم أو يومين؟ فقال: أقم حتى تفطر قلت جعلت فداك فهو أفضل؟ قال: نعم أما قرأت كتاب الله " فمن شهد منكم الشهر فليصمه ". ففيه دلالة على الأفضلية وكذا يدل عليها ما رواه في الفقيه (1) في صحيحة الحلبي عن أبي عبد الله عليه الصلاة والسلام قال: سألته عن الرجل يدخل شهر رمضان وهو مقيم لا يريد براحا ثم يبدو له بعد ما يدخل، فسكت فسألته غير مرة فقال يقيم أفضل إلا أن يكون له حاجة لا بد من الخروج فيها أو يتخوف على ماله، وإن كان الحلبي محتملا ولكن الظاهر أنه ثقة كما يفهم من كلامهم و المشهور أنه مكروها إلى أن يمضي ثلاثة وعشرون يوما، فتزول الكراهة للخبر بذلك التفصيل، حيث قال في الرواية: فإذا مضت ليلة ثلاث وعشرين فليخرج حيث شاء.
ثم اعلم أن في الأخبار المتقدمة دلالة على الافطار لو سافر قبل الزوال، و على الصوم والاجزاء لو سافر بعده، ويدل عليها مع ذلك الاجماع المنقول في المختلف عن الشيخ والأخبار الصحيحة الدالة على أن من قصر الصلاة قصر الصوم، ومن لم يقصرها لم يقصره (2) فالعجب أن في المختلف بعد ما اختار ما قلناه هنا ورد مذهب الشيخ قال: قوله إذا خرج بعد الزوال مع تبييت النية للسفر أمسك وعليه الإعادة ليس ببعيد من الصواب، إذ لم يتحقق منه شرط الصوم، وهو النية. فإنه في غاية البعد، إذ لا معنى بالاعتداد بالصوم والأمر به، ووجوب القضاء والإعادة مع أن الأمر مفيد للاجزاء والصحة كما بين في محله إلا أن يؤول بالإمساك وهو بعيد أيضا، وليس له دليل إلا ما تخيل من قوله هنا، إذ لم يتحقق إلى آخره يعني النية شرط فإذا بيت بنية السفر لم يتحقق نية الصوم فلا يصح الصوم، و هو ليس بدليل بعد ما نقلنا لك ما رأيت من أن النية قد لا تشترط في الليل وقد