وقال أبو وائل شهدت صفين وبئست صفين) كذا لأبي ذر ولغيره وبئست صفون وفي رواية النسفي مثله ولكن قال وبئست الصفون بزيادة ألف ولام والمشهور في صفين كسر الصاد المهملة وبعضهم فتحها وجزم بالكسر جماعة من الأئمة والفاء مكسورة مثقلة اتفاقا والأشهر فيها بالياء قبل النون كماردين وفلسطين وقنسرين وغيرها ومنهم من أبدل الياء واوا في الأحوال وعلى هاتين اللغتين فأعرابها اعراب غسلين وعربون ومنهم من أعربها اعراب جمع المذكر السالم فتنصرف بحسب العوامل مثل لفي عليين وما إدراك ما عليون ومنهم من فتح النون مع الواو لزوما نقل كل ذلك ابن مالك ولم يذكر فتح النون مع الياء لزوما وقوله اتهموا رأيكم على دينكم أي لا تعملوا في أمر الدين بالرأي المجرد الذي لا يستند إلى أصل من الدين وهو كنحو قول علي فيما أخرجه ه أبو داود بسند حسن لو كان الدين بالرأي لكان مسح أسفل الخف أولى من أعلاه والسبب في قول سهل ذلك ما تقدم بيانه في استتابة المرتدين ان أهل الشام لما استشعروا ان أهل العراق شارفوا ان يغلبوهم وكان أكثر أهل العراق من القراء الذين يبالغون في التدين ومن ثم صار منهم الخوارج الذين مضى ذكرهم فأنكروا على علي ومن أطاعه الإجابة إلى التحكيم فاستند على إلى قصة الحديبية وان النبي صلى الله عليه وسلم أجاب قريشا إلى المصالحة مع ظهور غلبته لهم وتوقف بعض الصحابة أولا حتى ظهر لهم ان الصواب ما أمرهم به كما مضى بيانه مفصلا في الشروط وأول الكرماني كلام سهل بن حنيف بحسب ما احتمله اللفظ فقال كأنهم اتهموا سهلا بالتقصير في القتال حينئذ فقال لهم بل اتهموا أنتم رأيكم فاني لا أقصر كما لم أكن مقصرا يوم الحديبية وقت الحاجة فكما توقفت يوم الحديبية من أجل اني لا أخالف حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أتوقف اليوم لأجل مصلحة المسلمين وقد جاء عن عمر نحو قول سهل ولفظه اتقوا الرأي في دينكم أخرجه البيهقي في المدخل هكذا مختصرا وأخرجه هو والطبري والطبراني مطولا بلفظ اتهموا الرأي على الدين فلقد رأيتني أرد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برأيي اجتهادا فوالله ما آلوا عن الحق وذلك يوم أبى جندل حتى قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم تراني أرضى وتأبى والحاصل ان المصير إلى الرأي انما يكون عند فقد النص والى هذا يومئ قول الشافعي فيما أخرجه البيهقي بسند صحيح إلى أحمد بن حنبل سمعت الشافعي يقول القياس عند الضرورة ومع ذلك فليس العامل برأيه على ثقة من أنه وقع على المراد من الحكم في نفس الامر وانما عليه بذل الوسع في الاجتهاد ليؤجر ولو أخطأ وبالله التوفيق وأخرج البيهقي في المدخل وابن عبد البر في بيان العلم عن جماعة من التابعين كالحسن وابن سيرين وشريح والشعبي والنخعي بأسانيد جياد ذم القول بالرأي المجرد ويجمع ذلك كله حديث أبي هريرة لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به أخرجه الحسن بن سفيان وغيره ورجاله ثقات وقد صححه النووي في آخر الأربعين واما ما أخرجه البيهقي من طريق الشعبي عن عمرو بن حريث عن عمر قال إياكم وأصحاب الرأي فإنهم أعداء السنن أعيتهم الأحاديث ان يحفظوها فقالوا بالرأي فضلوا وأضلوا فظاهر في أنه أراد ذم من قال بالرأي مع وجود النص من الحديث لاغفاله التنقيب عليه فهلا يلام وأولى منه باللوم من عرف النص وعمل بما عارضه من الرأي وتكلف لرده بالتأويل والى ذلك الإشارة بقوله في الترجمة وتكلف القياس والله أعلم وقال ابن عبد البر في بيان العلم
(٢٤٥)