المروانيين على الأندلس واستمرت في أيديهم متغلبين عليها إلى أن تسموا بالخلافة بعد ذلك وانفرط الامر في جميع أقطار الأرض إلى أن لم يبق من الخلافة الا الاسم في بعض البلاد بعد أن كانوا في أيام بني عبد الملك بن مروان يخطب للخليفة في جميع أقطار الأرض شرقا وغربا وشمالا ويمينا مما غلب عليه المسلمون ولا يتولى أحد في بلد من البلاد كلها الامارة على شئ منها الا بأمر الخليفة ومن نظر في أخبارهم عرف صحة ذلك فعلى هذا يكون المراد بقوله ثم يكون الهرج يعني القتل الناشئ عن الفتن وقوعا فاشيا يفشو ويستمر ويزداد على مدى الأيام وكذا كان والله المستعان والوجه الذي ذكره ابن المنادى ليس بواضح ويعكر عليه ما أخرجه الطبراني من طريق قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده رفعه سيكون من بعدي خلفاء ثم من بعد الخلفاء امراء ومن بعد الامراء ملوك ومن بعد الملوك جبابرة ثم يخرج رجل من أهل بيتي يملأ الأرض عدلا كما ملئت جورا ثم يؤمر القحطاني فوالذي بعثني بالحق ما هو دونه فهذا يرد على ما نقله ابن المنادى من كتاب دانيال وأما ما ذكره عن أبي صالح فواه جدا وكذا عن كعب وأما محاولة ابن الجوزي الجمع بين حديث تدور رحى الاسلام وحديث الباب ظاهر التكلف والتفسير الذي فسره به الخطابي ثم الخطيب بعيد والذي يظهر ان المراد بقوله تدور رحى الاسلام ان تدوم على الاستقامة وان ابتداء ذلك من أول البعثة النبوية فيكون انتهاء المدة بقتل عمر في ذي الحجة سنة أربع وعشرين من الهجرة فإذا انضم إلى ذلك اثنتا عشرة سنة وستة أشهر من المبعث في رمضان كانت المدة خمسا وثلاثين سنة وستة أشهر فيكون ذلك جميع المدة النبوية ومدة الخليفتين بعده خاصة ويؤيد حديث حذيفة الماضي قريبا الذي يشير إلى أن باب الامن من الفتنة يكسر بقتل عمر فيفتح باب الفتن وكان الامر على ما ذكر وأما قوله في بقية الحديث فان يهلكوا فسبيل من هلك وان لم يقم لهم دينهم يقم سبعين سنة فيكون المراد بذلك انقضاء أعمارهم وتكون المدة سبعين سنة إذا جعل ابتداؤها من أول سنة ثلاثين عند انقضاء ست سنين من خلافة عثمان فان ابتداء الطعن فيه إلى أن آل الامر إلى قتله كان بعد ست سنين مضت من خلافته وعند انقضاء السبعين لم يبق من الصحابة أحد فهذا الذي يظهر لي في معنى هذا الحديث ولا تعرض فيه لما يتعلق باثني عشر خليفة وعلى تقدير ذلك فالأولى ان يحمل قوله يكون بعدي اثنا عشر خليفة على حقيقة البعدية فان جميع من ولى الخلافة من الصديق إلى عمر بن عبد العزيز أربعة عشر نفسا منهم اثنان لم تصح ولايتهما ولم تطل مدتهما وهما معاوية ابن يزيد ومروان بن الحكم والباقون اثنا عشر نفسا على الولاء كما أخبر صلى الله عليه وسلم وكانت وفاة عمر بن عبد العزيز سنة إحدى ومائة وتغيرت الأحوال بعده وانقضى القرن الأول الذي هو خير القرون ولا يقدح في ذلك قوله يجتمع عليهم الناس لأنه يحمل على الأكثر الأغلب لأن هذه الصفة لم تفقد منهم الا في الحسن بن علي وعبد الله ابن الزبير مع صحة ولايتهما والحكم بأن من خالفهما لم يثبت استحقاقه الا بعد تسليم الحسن وبعد قتل ابن الزبير والله أعلم وكانت الأمور في غالب أزمنة هؤلاء الاثني عشر منتظمة وان وجد في بعض مدتهم خلاف ذلك فهو بالنسبة إلى الاستقامة نادر والله أعلم وقد تكلم ابن حبان على معنى حديث تدور رحى الاسلام فقال المراد بقوله تدور رحى الاسلام لخمس وثلاثين أو ست وثلاثين انتقال أمر الخلافة إلى بني أمية وذلك أن قيام معاوية على علي بصفين حتى وقع التحكيم
(١٨٥)