صلاة الصبح إلى أن ترتفع الشمس فيدخل فيه الصلاة عند طلوع الشمس وكذا من صلاة العصر إلى أن تغرب الشمس ولا يعكر على ذلك أن من لم يصل الصبح مثلا حتى بزغت الشمس يكره له التنقل حينئذ لأن الكلام إنما هو جار على الغالب المعتاد وأما هذه الصورة النادرة فليست مقصودة وفي الجملة عدها أربعة أجود وبقي خامس وهو الصلاة وقت استواء الشمس وكأنه لم يصح عند المؤلف على شرطه فترجم على نفيه وفيه أربعة أحاديث حديث عقبة بن عامر وهو عند مسلم ولفظه وحين يقوم قائم الظهيرة حتى ترتفع وحديث عمرو بن عبسة وهو عند مسلم أيضا ولفظه حتى يستقل الظل بالرمح فإذا أقبل الفئ فصل وفي لفظ لأبي داود حتى يعدل الرمح ظله وحديث أبي هريرة وهو عند ابن ماجة والبيهقي ولفظه حتى تستوي الشمس على رأسك كالرمح فإذا زالت فصل وحديث الصنابحي وهو في الموطأ ولفظه ثم إذا استوت قارنها فإذا زالت فارقها وفي آخره ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في تلك الساعات وهو حديث مرسل مع قوة رجاله وفي الباب أحاديث أخر ضعيفة وبقضية هذه الزيادة قال عمر بن الخطاب فنهى عن الصلاة نصف النهار وعن ابن مسعود قال كنا ننهى عن ذلك وعن أبي سعيد المقبري قال أدركت الناس وهم يتقون ذلك وهو مذهب الأئمة الثلاثة والجمهور وخالف مالك فقال ما أدركت أهل الفضل إلا وهم يجتهدون ويصلون نصف النهار وقال ابن عبد البر وقد روى مالك حديث الصنابحي فإما أنه لم يصح عنده وإما أنه رده بالعمل الذي ذكره انتهى وقد استثنى الشافعي ومن وافقه من ذلك يوم الجمعة وحجتهم أنه صلى الله عليه وسلم ندب الناس إلى التبكير يوم الجمعة ورغب في الصلاة إلى خروج الإمام كما سيأتي في بابه وجعل الغاية خروج الإمام وهو لا يخرج إلا بعد الزوال فدل على عدم الكراهة وجاء فيه حديث عن أبي قتادة مرفوعا أنه صلى الله عليه وسلم كره الصلاة نصف النهار إلا يوم الجمعة في إسناده انقطاع وقد ذكر له البيهقي شواهد ضعيفة إذا ضمت قوي الخبر والله أعلم * (فائدة) * فرق بعضهم بين حكمة النهى عن الصلاة بعد صلاة الصبح والعصر وعن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها فقال يكره في الحالتين الأوليين ويحرم في الحالتين الأخريين وممن قال بذلك محمد بن سيرين ومحمد ابن جرير الطبري واحتج بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى بعد العصر فدل على أنه لا يحرم وكأنه يحمل فعله على بيان الجواز وسيأتي ما فيه في الباب الذي بعده وروى عن ابن عمر تحريم الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وإباحتها بعد العصر حتى تصفر وبه قال ابن حزم واحتج بحديث على أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاة بعد العصر إلا والشمس مرتفعة رواه أبو داود بإسناد صحيح قوي والمشهور إطلاق الكراهة في الجميع فقيل هي كراهة تحريم وقيل كراهة تنزيه والله أعلم (قوله رواه عمر الخ) يريد أن أحاديث هؤلاء الأربعة وهي التي تقدم إيرادها في البابين السابقين ليس فيها تعرض للاستواء لكن لمن قال به أن يقول إنه زيادة من حافظ ثقة فيجب قبولها (قوله حدثنا حماد) هو ابن زيد (قوله أصلى) زاد الإسماعيلي في أوله من وجهين عن حماد بن زيد كان لا يصلي من أول النهار حتى تزول الشمس ويقول أصلى الخ (قوله أن لا تحروا) أصله تتحروا أي تقصدوا وزاد عبد الرزاق في آخر هذا الحديث عن ابن جريج عن نافع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك وقال إنه يطلع قرن الشيطان مع طلوع الشمس * (تنبيه) *
(٥١)