العطف أي لا يتحرى ولا يصلي والرفع على القطع أي لا يتحرى فهو يصلي والنصب على جواز النهى والمعنى لا يتحرى مصليا وقال الطيبي قوله لا يتحرى نفى بمعنى النهى ويصلي بالنصب لأنه جوابه كأنه قيل لا يتحرى فقيل لم فأجيب خيفة أن يصلي ويحتمل أن يقدر غير ذلك وقد وقع في رواية القعنبي في الموطأ لا يتحرى أحدكم أن يصلي ومعناه لا يتحرى الصلاة (قوله عن صالح) هو بن كيسان ولم يخرج البخاري لصالح بن أبي الأخضر شيئا (قوله لا صلاة) قال بن دقيق العيد وصيغة النهي في ألفاظ الشارع إذا دخلت على فعل كان الأولى حملها على نفى الفعل الشرعي لا الحسى لأنا لو حملناه على نفى الفعل الحسى لاحتجنا في تصحيحه إلى اضمار والأصل عدمه وإذا حملنا على الشرعي لم نحتج إلى إضمار فهذا وجه الأولوية وعلى هذا فهو نفى بمعنى النهى والتقدير لا تصلوا وحكى أبو الفتح اليعمري عن جماعة من السلف أنهم قالوا إن النهى عن الصلاة بعد الصبح وبعد العصر إنما هو إعلام بأنهما لا يتطوع بعدهما ولم يقصد الوقت بالنهي كما قصد به وقت الطلوع ووقت الغروب ويؤيد ذلك ما رواه أبو داود والنسائي بإسناد حسن عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تصلوا بعد الصبح ولا بعد العصر إلا أن تكون الشمس نقية وفي رواية مرتفعة فدل على أن المراد بالبعدية ليس على عمومه وإنما المراد وقت الطلوع ووقت الغروب وما قاربهما والله أعلم ومطابقة الحديث للترجمة من جهة أن الصلاة المنهية غير صحيحة فلازمه أن لا يقصد لها المكلف إذ العاقل لا يشتغل بما لا فائدة فيه (قوله لا صلاة بعد الصبح) أي بعد صلاة الصبح وصرح به مسلم من هذا الوجه في الموضعين (قوله حدثنا محمد بن أبان) هو البلخي وقيل الواسطي ولكل من القولين مرجح وكلاهما ثقة (قوله عن معاوية) في رواية الإسماعيلي من طريق معاذ وغيره عن شعبة خطبنا معاوية واتفق أصحاب شعبة علي أنه من رواية أبي التياح عن حمران وخالفهم عثمان بن عمر وأبو داود الطيالسي فقالا عن أبي التياح عن معبد الجهني عن معاوية والطريق التي اختارها البخاري أرجح ويجوز أن يكون لأبي التياح فيه شيخان (قوله يصليهما) أي الركعتين وللحموي يضليها أي الصلاة وكذا وقع الخلاف بين الرواة في قوله عنها أو عنهما وكلام معاوية مشعر بأن من خاطبهم كانوا يصلون بعد العصر ركعتين على سبيل التطوع الراتب لها كما يصلي بعد الظهر وما نفاه من رؤية صلاة النبي صلى الله عليه وسلم لهما قد أثبته غيره والمثبت مقدم على النافي وسيأتي في الباب الذي بعده قول عائشة كان لا يصليهما في المسجد لكن ليس في رواية الإثبات معارضة للأحاديث الواردة في النهى لأن رواية الإثبات لها سبب كما سيأتي في الباب الذي بعده فألحق بها ما له سبب وبقي ما عدا ذلك على عمومه والنهي فيه محمول على ما لا سبب له وأما من يرى عموم النهى ولا يخصه بما له سبب فيحمل إنكار معاوية على من يتطوع ويحمل الفعل على الخصوصية ولا يخفى رجحان الأول والله أعلم (قوله حدثنا عبدة) هو ابن سليمان وبقية الإسناد والمتن تقدم بأتم سياق في الباب الذي قبله (قوله باب من لم يكره الصلاة إلا بعد العصر والفجر) قيل آثر البخاري الترجمة بذكر المذاهب على ذكر الحكم للبراءة من عهدة بت القول في موضع كثر فيه الاختلاف ومحصل ما ورد من الأخبار في تعيين الأوقات التي تكره فيها الصلاة أنها خمسة عند طلوع الشمس وعند غروبها وبعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر وعند الاستواء وترجع بالتحقيق إلى ثلاثة من بعد
(٥٠)