قرأ وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه ثم قرأها في يوم آخر فتهيأ الناس للسجود فقال إنما هي توبة نبي ولكني رأيتكم تهيأتم فنزل وسجد وسجدوا معه فهذا السياق يشعر بأن السجود فيها لم يؤكد كما أكد في غيرها واستدل بعض الحنفية من مشروعية السجود عند قوله وخر راكعا وأناب بأن الركوع عندها ينوب عن السجود فإن شاء المصلي ركع بها وإن شاء سجد ثم طرده في جميع سجدات التلاوة وبه قال ابن مسعود (قوله باب سجدة النجم قاله ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم) يأتي موصولا في الذي يليه والكلام على حديث بن مسعود يأتي في التفسير إن شاء الله تعالى واستدل به على أن من وضع جبهته على كفه ونحوه لا يعد ساجدا حتى يضعها بالأرض وفيه نظر (قوله باب سجود المسلمين مع المشركين والمشرك نجس ليس له وضوء) قال ابن التين روينا قوله نجس بفتح النون والجيم ويجوز كسرها وقال الفراء تسكن الجيم إذا ذكرت اتباعا في قولهم رجس نجس (قوله وكان ابن عمر يسجد على غير وضوء) كذا للأكثر وفي رواية الأصيلي بحذف غير والأول أولى فقد روى ابن أبي شيبة من طريق عبيد بن الحسن عن رجل زعم أنه كنفسه عن سعيد بن جبير قال كان ابن عمر ينزل عن راحلته فيهريق الماء ثم يركب فيقرأ السجدة فيسجد وما يتوضأ وأما ما رواه البيهقي بإسناد صحيح عن الليث عن نافع عن ابن عمر قال لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر فيجمع بينهما بأنه أراد بقوله طاهر الطهارة الكبرى أو الثاني على حالة الاختيار والأول على الضرورة وقد اعترض ابن بطال على هذه الترجمة فقال إن أراد البخاري الاحتجاج لابن عمر بسجود المشركين فلا حجة فيه لأن سجودهم لم يكن على وجه العبادة وإنما كان لما ألقى الشيطان إلى آخر كلامه قال وإن أراد الرد علي ابن عمر بقوله والمشرك نجس فهو أشبه بالصواب وأجاب بن رشيد بأن مقصود البخاري تأكيد مشروعية السجود لأن المشرك قد أقر على السجود وسمى الصحابي فعله سجودا مع عدم أهليته فالمتأهل لذلك أحرى بأن يسجد على كل حالة ويؤيده أن في حديث بن مسعود أن الذي ما سجد عوقب بأن قتل كافرا فلعل جميع من وفق للسجود يومئذ ختم له بالحسنى فأسلم لبركة السجود قال ويحتمل أن يجمع بين الترجمة وأثر بن عمر بأنه يبعد في العادة أن يكون جميع من حضر من المسلمين كانوا عند قراءة الآية على وضوء لأنهم لم يتأهبوا لذلك وإذا كان كذلك فمن بادر منهم إلى السجود خوف الفوات بلا وضوء وأقره النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك استدل بذلك على جواز السجود بلا وضوء عند وجود المشقة بالوضوء ويؤيده أن لفظ المتن وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس فسوى ابن عباس في نسبة السجود بين الجميع وفيهم من لا يصح منه الوضوء فيلزم أن يصح السجود ممن كان بوضوء وممن لم يكن بوضوء والله أعلم والقصة التي أشار إليها سيحصل لنا إلمام بشئ منها في تفسير سورة الحج إن شاء الله تعالى * (فائدة) * لم يوافق ابن عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي أخرجه ابن أبي شيبة عنه بسند صحيح وأخرجه أيضا بسند حسن عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه كان يقرأ السجدة ثم يسلم وهو على غير وضوء إلى غير القبلة وهو يمشي يومئ ايماء (قوله سجد بالنجم) زاد الطبراني في الأوسط من هذا الوجه بمكة فأفاد اتحاد قصة ابن عباس وابن مسعود (قوله والجن) كأن ابن عباس استند في ذلك إلى إخبار
(٤٥٧)