تسمية الشئ باسم ما جاوره وقرأت بخط الرضي الشاطبي قال الفقهاء تقوله بالنصب والتنوين يتوهمونه قناة من القنوات وليس كذلك أه وهذا الذي ذكره قد جزم به بعض الشراح وقال هو على التشبيه أي سأل مثل القناة وقوله في الرواية المذكورة الا حدث بالجود هو بفتح الجيم المطر الغزير وهذا يدل على أن المطر استمر فيما سوى المدينة فقد يشكل بأنه يستلزم أن قول السائل هلكت الأموال وانقطعت السبل لم يرتفع الاهلاك ولا القطع وهو خلاف مطلوبه ويمكن الجواب بأن المراد أن المطر استمر حول المدينة من الإكام والظراب وبطون الأودية لا في الطرق المسلوكة ووقوع المطر في بقعة دون بقعة كثير ولو كانت تجاورها وإذا جاز ذلك جاز أن يوجد للماشية أماكن تكنها وترعى فيها بحيث لا يضرها ذلك المطر فيزول الإشكال وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم جواز مكالمة الإمام في الخطبة للحاجة وفيه القيام في الخطبة وأنها لا تنقطع بالكلام ولا تنقطع بالمطر وفيه قيام الواحد بأمر الجماعة وإنما لم يباشر ذلك بعض أكابر الصحابة لأنهم كانوا يسلكون الأدب بالتسليم وترك الابتداء بالسؤال ومنه قول أنس كان يعجبنا أن يجئ الرجل من البادية فيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسؤال الدعاء من أهل الخير ومن يرجى منه القبول واجابتهم لذلك ومن أدبه بث الحال لهم قبل الطلب لتحصيل الرقة المقتضية لصحة التوجه فترجى الإجابة عنده وفيه تكرار الدعاء ثلاثا وإدخال دعاء الاستسقاء في خطبة الجمعة والدعاء به على المنبر ولا تحويل فيه ولا استقبال والاجتزاء بصلاة الجمعة عن صلاة الاستسقاء وليس في السياق ما يدل على أنه نواها مع الجمعة وفيه علم من أعلام النبوة في إجابة الله دعاء نبيه عليه الصلاة والسلام عقبه أو معه ابتداء في الاستسقاء وانتهاء في الاستصحاء وامتثال السحاب أمره بمجرد الإشارة وفيه الأدب في الدعاء حيث لم يدع برفع المطر مطلقا لاحتمال الاحتياج إلى استمراره فاحترز فيه بما يقتضي رفع كلاهما وإبقاء النفع ويستنبط منه أن من أنعم الله عليه بنعمة لا ينبغي له أن يتسخطها لعارض يعرض فيها بل يسأل الله رفع ذلك العارض وإبقاء النعمة وفيه أن الدعاء برفع كلاهما لا ينافي التوكل وإن كان مقام الأفضل التفويض لأنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بما وقع لهم من الجدب وأخر السؤال في ذلك تفويضا لربه ثم أجابهم إلى الدعاء لما سألوه في ذلك بيانا للجواز وتقرير السنة في هذه العبادة الخاصة أشار إلى ذلك بن أبي جمرة نفع الله به وفيه جواز تبسم الخطيب على المنبر تعجبا من أحوال الناس وجواز الصياح في المسجد بسبب الحاجة المقتضية لذلك وفيه اليمين لتأكيد الكلام ويحتمل أن يكون ذلك جرى على اختلفوا أنس بغير قصد اليمين واستدل به على جواز الاستسقاء بغير صلاة مخصوصة وعلى أن الاستسقاء لا تشرع فيه صلاة فأما الأول فقال به الشافعي وكرهه سفيان الثوري وأما الثاني فقال به أبو حنيفة كما تقدم وتعقب بأن الذي وقع في هذه القصة مجرد دعاء لا ينافي مشروعية الصلاة لها وقد بينت في واقعة أخرى كما تقدم واستدل به على الاكتفاء بدعاء الإمام في الاستسقاء قاله ابن بطال وتعقب بما سيأتي في رواية يحيى بن سعيد ورفع الناس أيديهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعون وقد استدل به المصنف في الدعوات على رفع اليدين في كل دعاء وفي الباب عدة أحاديث جمعها المنذري في جزء مفرد وأورد منها النووي في صفة الصلاة في شرح المهذب قدر ثلاثين حديثا وسنذكر وجه الجمع بينها وبين قول أنس كان لا يرفع يديه إلا في الاستسقاء بعد
(٤٢٢)