المسجد وابن الزبير يخطب فاستلم الركن ثم سلم عليه ثم جلس ولم يركع وعبد الله بن صفوان وعبد الله بن الزبير صحابيان صغيران فقد استدل به الطحاوي فقال لما لم ينكر ابن الزبير علي ابن صفوان ولا من حضرهما من الصحابة ترك التحية دل على صحة ما قلناه وتعقب بان تركهم النكير لا يدل على تحريمها بل يدل على عدم وجوبها ولم يقل به مخالفوهم وسيأتي في أواخر الكلام على هذا الحديث البحث في أن صلاة التحية هل تعم كل مسجد أو يستثنى المسجد الحرام لأن تحية الطواف فلعل ابن صفوان كان يرى أن تحيته استلام الركن فقط وهذه الأجوبة التي قدمناها تندفع من أصلها بعموم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي قتادة إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يصلي ركعتين متفق عليه وقد تقدم الكلام عليه وورد أخص منه في حال الخطبة ففي رواية شعبة عن عمرو بن دينار قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب إذا جاء أحدكم والإمام يخطب أو قد خرج فليصل ركعتين متفق عليه أيضا ولمسلم من طريق أبي سفيان عن جابر أنه قال ذلك في قصة سليك ولفظه بعد قوله فاركعهما وتجوز فيهما ثم قال إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما قال النووي هذا نص لا يتطرق إليه التأويل ان أظن عالما يبلغه هذا اللفظ ويعتقده صحيحا فيخالفه وقي أبو محمد ابن أبي جمرة هذا الذي أخرجه مسلم نص في الباب لا يحتمل التأويل وحكى ابن دقيق العيد أن بعضهم تأول هذا العموم بتأويل مستكره وكأنه يشير إلى بعض متقدم من ادعاء النسخ أو التخصيص وقد عارض بعض الحنفية الشافعية بأنهم لا حجة لهم في قصة سليك لأن التحية عندهم تسقط بالجلوس وقد تقدم جوابه وعارض بعضهم بحديث أبي سعيد رفعه لا تصلوا والإمام يخطب وتعقب بأنه لا يثبت وعلى تقدير ثبوته فيخص عمومه بالأمر بصلاة التحية وبعضهم بأن عمر لم يأمر عثمان بصلاة التحية مع أنه أنكر عليه الاقتصار على الوضوء وأجيب باحتمال أن يكون صلاهما وفي هذا الحديث من الفوائد غير ما تقدم جواز صلاة التحية في الأوقات المكروهة لأنها إذا لم تسقط في الخطبة مع الأمر بالإنصات لها فغيرها أولى وفيه أن التحية لا تفوت بالقعود لكن قيده بعضهم بالجاهل أو الناسي كما تقدم وأن للخطيب أن يأمر في خطبته وينهى ويبين الأحكام المحتاج إليها ولا يقطع ذلك التوالي المشترط فيها بل لقائل أن يقول كل ذلك يعد من الخطبة واستدل به على أن المسجد شرط للجمعة للاتفاق على أنه لا تشرع التحية لغير المسجد وفيه نظر واستدل به على جواز رد السلام وتشميت العاطس في حال الخطبة لأن أمرهما أخف وزمنهما أقصر ولا سيما رد السلام فإنه واجب وسيأتي البحث في ذلك بعد ثلاثة أبواب * (فائدة) * قيل يخص عموم حديث الباب بالداخل في آخر الخطبة كما تقدم قال الشافعي أرى للإمام أن يأمر الآتي بالركعتين ويزيد في كلامه ما يمكنه الإتيان بهما قبل إقامة الصلاة فإن لم يفعل كرهت ذلك وحكى النووي عن المحققين أن المختار إن لم يفعل أن يقف حتى تقام الصلاة لئلا يكون جالسا بغير تحية أو متنقلا حال إقامة الصلاة واستثنى المحاملي المسجد الحرام لأن تحيته الطواف وفيه نظر لطول زمن الطواف بالنسبة إلى الركعتين والذي يظهر من قولهم إن تحية المسجد الحرام الطواف إنما هو في حق القادم ليكون أول شئ بالصلاة الطواف من وأما المقيم فحكم المسجد الحرام وغيره في ذلك سواء ولعل قول من أطلق أنه يبدأ في المسجد
(٣٤١)