والمعلق طرف من حديث أبي سعيد المذكور في باب الطيب للجمعة فإن فيه وأن يستن أي يدلك أسنانه بالسواك وأما الموصولة فأولها حديث أبي هريرة لولا أن أشق ومطابقته للترجمة من جهة اندراج الجمعة في عموم قوله كل صلاة وقال الزين بن المنير لما خصت الجمعة بطلب تحسين الظاهر من الغسل والتنظيف والتطيب ناسب ذلك تطييب الفم الذي هو محل الذكر والمناجاة وإزالة ما يضر الملائكة وبني آدم * ثاني الموصولة حديث أنس أكثرت عليكم في السواك قال ابن رشيد مناسبته للذي قبله من جهة أن سبب منعه من إيجاب السواك واحتياجه إلى الاعتذار عن إكثاره عليهم فيه وجود المشقة ولا مشقة في فعل ذلك في يوم واحد وهو يوم الجمعة * ثالث الموصولة حديث حذيفة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل يشوص فاه ووجه مناسبته أنه شرع في الليل لتجمل الباطن فيكون في الجمعة أحرى لأنه شرع لها التجمل في الباطن والظاهر وقد تقدم الكلام على حديث حذيفة في آخر كتاب الوضوء وأما حديث أبي هريرة فلم يختلف على مالك في إسناده وإن كان له في أصل الحديث إسناد آخر بلفظ آخر سيأتي الكلام عليه في كتاب الصيام إن شاء الله تعالى (قوله أو لولا أن أشق على الناس) هو شك من الراوي ولم أقف عليه بهذا اللفظ في شئ من الروايات عن مالك ولا عن غيره وقد أخرجه الدارقطني في الموطئات من طريق الموطأ لعبد آله بن يوسف شيخ البخاري فيه بهذا الإسناد بلفظ أو على الناس لم يعد قوله لولا أن أشق وكذا رواه كثير من رواة الموطأ ورواه أكثرهم بلفظ المؤمنين بدل أمتي ورواه يحيى بن يحيى المؤذن بلفظ على أمتي دون الشك (قوله لأمرتهم بالسواك) أي باستعمال السواك لأن السواك هو الآلة وقد قيل إنه يطلق على الفعل أيضا فعلى هذا لا تقدير والسواك مذكر على الصحيح وحكى في المحكم تأنيثه وأنكر ذلك الأزهري (قوله مع كل صلاة) لم أرها أيضا في شئ من روايات الموطأ إلا عن معن بن عيسى لكن بلفظ عند كل صلاة وكذا النسائي عن قتيبة عن مالك وكذا رواه مسلم من طريق ابن عيينة عن أبي الزناد وخالفه سعيد بن أبي هلال عن الأعرج فقال مع الوضوء بدل الصلاة أخرجه أحمد من طريقه قال القاضي البيضاوي لولا كلمة أخذت على انتفاء الشئ لثبوت غيره والحق أنها مركبة من لولا الدالة على انتفاء الشئ لانتفاء غيره ولا النافية فدل الحديث على الانتفاء الأمر لثبوت المشقة لأن انتفاء النفي ثبوت فيكون الأمر منفيا لثبوت المشقة وفيه دليل على أن الأمر للوجوب من وجهين أحدهما أنه نفى الأمر مع ثبوت الندبية ولو كان للندب لما جاز النفي ثانيهما أنه جعل الأمر مشقة عليهم وذلك إنما يتحقق إذا كان الأمر للوجوب إذ الندب لا مشقة فيه لأنه جائز الترك وقال الشيخ أبو إسحق في اللمع في هذا الحديث دليل على أن الاستدعاء على جهة الندب ليس بأمر حقيقة لأن السواك عند كل صلاة مندوب إليه وقد أخبر الفاء أنه لم يأمر به أه ويؤكده قوله في رواية سعيد المقبري عن أبي هريرة عند النسائي بلفظ لفرضت عليهم بدل لأمرتهم وقال الشافعي فيه دليل على أن السواك ليس بواجب لأنه لو كان واجبا لأمرهم شق عليهم به أو لم يشق أه وإلى القول بعدم وجوبه صار أكثر أهل العلم بل ادعى بعضهم فيه الإجماع لكن حكى الشيخ أبو حامد وتبعه الماوردي عن أسحق بن راهويه قال هو واجب لكل صلاة فمن تركه عامدا بطلت صلاته وعن داود أنه قال وهو واجب لكن ليس شرطا واحتج
(٣١٢)